jeudi 15 juillet 2021

قراءة في كتاب و أصبحت مشيل أوباما

 



الولايات المتحدة الأمريكية بلد الحرية والنجاح والفرص العظيمة، لكن ليس الأمر كذلك كما تصوره لنا هوليود، بل ما وراء هذه الصورة الوردية تختفي غابة من التناقضات استطاع المخرج الأمريكي سام منديس سنة 1999 تصويرها في تحفته الفنية " جمال أمريكي" american beauty. يكفي فقط أن تكون أسود اللون او ذو أصل لا تيني أو امرأة أو ذو هوية جنسية مغايرة أو من الأمرنديين لتتحول سردية الآباء المؤسسين إلى نقيضها تماما. كتاب مشيل أوباما المغنون ب " وأصبحت مشيل أوباما" يصور كيف استطاعت فتاة سوداء من الجانب الجنوبي لمدينة شيكاغو كبرى مدن ولاية إلينوي، أن تتسلق السلم الاجتماعي الأمريكي وتصبح سيدة أمريكا الأولى بين 2009 و 2016 بعد أن أصبح زوجها باراك أوباما أول رئيس أمريكي أسود في تاريخها، أصبحت لم تكن تتصور تلك المكانة، لأنها في مسيرة صعود زوجها الاجتماعي اعتبرت طموحاته غير واقعية وكاد ذلك يؤدي إلى انفصالهما كما تروي ذلك بالتفصيل. الكتاب الذي يقع فيأكثر من 300 صفحة، عرض لقصة النجاح الفردي لهذه الفتاة السوداء، وهو التقليد المتجذر في الثقافة الأمريكية، التي تؤمن بالبطولات الفردية، لكن كما قلنا سابقا البطولة الفردية تكون مستحقة بشكل مضاعف في حالة كون المرء من خلفية عرقية سوداء، وهو المشكل الذي عانت منه الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها ولم تستطع التخلص منه إلى اليوم، في الكثير من الصفحات تتحدث مشيل أوباما عن هذا الموضوع، رغم أننا نجد تركيزا كبيرا على مسارها الدراسي الذي بدأ في جنوب شيكاغو ومرة بجامعة برنستون في بوسطن واختتم في هارفارد في ماساشوستس، ثم حديث عن مسارها المهني الذي انطلق من شركة المحاماة sidly حيث ستلتقي بزوجها المستقبلي الذي احتضنته كمتدرب في الشركة. ثم مرورا باشتغالها في بلدية المدينة ثم التحاقها بقسم المسؤولية في المستشفى الجامعي التابع لجامعة برنستون، ثم تجربتها في ميدان العمل الجمعوي وأخيرا دخولها إلى الأبيض كأول سيدة أولى سوداء اللون. ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام القسم الأول خصص لمرحلة الطفولة والتكوين بعنوان أصبحت مشيل أوباما، القسم الثاني خصص للقائها بأوباما وتكوينها لأسرة بعنوان وأصبحتا نحن والقسم الأخير خصص، لتجربتها السياسية مع باراك وعنون ب «وأصبحنا أكبر".

مؤاخذات نقذية:

الكتاب يشبه صاحبته، فيه كثير من التحفظ، والقارئ، لا يحس بعد نهاية الكتاب كأن هناك الكثير من التساؤلات المعلقة. لا ندري هل السبب هو تحفظ الكاتبة خاصة أنه لم يمر وقت طويل على ترك البيت الأبيض وبالتالي الحفاظ على التحفظ الذي يرافق تولي المسؤولية، أو السبب راجع إلى الطبيعة النفسية للكاتبة التي تختلف عن باراك الذي سبق له أن كتب كتابا بعنوان أحلام من أبي حقق نجاحا كبيرا وتميز أسلوبه بالكثير من السلالة والتفاصيل، وهو المهارة الأدبية العالية لكاتبه مقارنة مع كتاب مشيل الموسوم ببروده الواضح وافتقاره إلى السلالة والمتعة، وكان القارئ يقرأ تقريرا صحفيا أكثر منه كتاب أدبي اذن فهو ينتمي إلى كتب السيرة الذاتية على الطريقة الصحفية وهو ما جعله ضعيف أدبيا مقارنة بسيرة باراك، كما يفتقر كذلك إلى مناطق الاسترخاء فالكاتبة ولا ندري هل هي التي تولت الكتابة أم شخص آخر، ركزت فقط على الإطار العام ولم تدخل في قلب التفاصيل العاطفية والاجتماعية لحياتها، وظلت مشدودة منذ البداية إلى المسار الذي قطعته وهو انعكاس لشخصيتها الصارمة والباردة التي سببت لها الكثير من المشاكل مع الجمهور الأمريكي خاصة لما صرحت أمام حشد من الناخبين بأنها أول مرة تفتخر بكونها أمريكية، فتم توظيف ذلك من طرف الإعلام الجمهوري لتوجيه الضربات لزوجها.

عموما الكتاب حققا نجاحا كبيرا، وفي قصة مختصرة عن مسار  حياة مشيل أوباما، ويمكن أن نخرج بخلاصة مفادها أن النجاح ممكن، رغم كل أنواع الإقصاء، وحينما يكون هذا النجاح رغم هذه العراقيل كحال آل أوباما فإنه يكون مستحقا مرتين، الأولى لأن الحياة لعبة علينا كسبها بالتضحية والكفاح وعدم الاستسلام، ثانيا لأن هذا النجاح جاء ضد الأسطورة العنصرية التي أقصت السود لمدة طويلة من النجاح في قلب دولة تدعي الحرية وعدم التمييز.

mardi 13 juillet 2021

ما هو سبب فشل الأحزاب السياسية في المغرب ؟

 


هناك شبه إجماع في المغرب على أن الأحزاب المغربية، لم تعد تلعب أي دور، أو بالأحرى القول بأنها فقدت مصداقيتها لدى الجماهير العريضة من المجتمع. لكن هناك مغالطة حول هذا التشخيص سنحاول الكشف عنها، وهو الصيغة التي يروج بها هذا التشخيص أي القول أنها لم تعد، فالصحيح أن المغرب لم يشهد في  تاريخه السياسي أي دور للأحزاب السياسية، بعد الاستقلال وقبله كانت هناك أحزاب كحزب الاستقلال أو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لكن هذه الأحزاب كانت عبارة عن حركة سياسية أكثر منها مؤسسات حزبية بالمعنى الحديث للكلمة، والدليل الدور الكبير الذي لعبته هذه الأحزاب في دائرة المعارضة، لكن كلما شارك حزب قوي في التسيير فإنه يفقد شعبيته وجماهيريته ويتحول إلى مجرد إطار للانتهازية والاسترزاق السياسي ومحاولة كسب منصب سياسي، أو حقيبة وزارية أو وظيفة في الدواوين أو وظيفة في القطاع العام أو تزكية انتخابية.  كأن الأمر شبيه بمحاولة مصارعة خصم قوي لا يقهر كلما صعد أحد المصارعين إلى الحلبة يكون مصيره معروفا منذ البداية لأنه لا يصعد إلى الحلبة، إلا  بنية الانهزام والاستسلام، أمام الخصم القوي، الخصم هنا بطبيعة الحال، هو المخزن، كي لا نقول الفاعل الملكي، لأن المؤسسة الملكية رغم مركزيتها في النظام السياسي المغربي، لكنها ليست الفاعل الوحيد في ما يسمى بالمخزن، ويمكن تعريف هذا الأخير بأنه البنية الحقيقية للسلطة السياسية في المغرب وتتكون في الغالب من فاعلين يظلون خارج الضوء لكن كل المشهد السياسي هم الذين يحركونه من خلف الكواليس، ونقصد بالخصوص، القصر  ، أي الملك وأعضاء ديوانه أي مستشاريه، ثم ثانيا النخبة الاقتصادية القوية ثم العائلات النافذة، ثم الشخصيات القوية في النظام كبعض جنرالات الجيش و  الشخصيات السامية. الأحزاب السياسية لما تصل إلى الحكومة هي مجرد كومبارس لا تدرك من يحرك الخيوط، لكن تكون مجبرة على اللعب وفق القواعد المرسومة والتي ليست أصلا مسجلة في الدستور ولا في القوانين التي يفترض بها أن تكون الإطار الواضح للممارسة السياسية، لكن تجد نفسها في دوامة السياسة بمعناها الميكيافيلي وليس بمعناها الليبرالي الحديث. فحتى بعد إعادة صياغة الدستور المغربي سنة 2011 لم يتغير شيء ذا بال، نعم لقد حدث تحول ما في المشهد، لكن الواقع الحقيقي ليس هو الواقع الموجود في الورق، مثلا تم تقوية رئاسة الحكومة دستوريا، لكن على مستوى الممارسة لم تترجم الأحزاب التي تولت مهمة قيادة الحكومة المنطوق الدستوري، فاستمرت الأمور كأن شيئا لم يقع، لأن هناك هوامش ونقط مبهمة في ممارسة السلطة في المغرب، بقدر ما هناك بنية تقليدية خارج النصوص القانونية التي تظل القوة الفاعلة الحقيقية في الحقل السياسي المغربي. وذلك تحصيل حاصل بطبيعة الحال، لأن النظام السياسي ترجمة للنظام الاجتماعي السائد، فلو تم مثلا تقوية الأحزاب وأخذت بزمام المبادرة كاملة فسيقع لا محالة خلل كبير في بنية النظام السياسي وستختل موازين القوى داخله وبالتالي المصير غير المعروف في مثل هكذا حالات. إذن السؤال الضمني الذي لا يطرحه المحللون هو : هل نحن أصلا في حاجة إلى أحزاب في المغرب ؟ وهل خيار التعددية الأحزاب أصلا مفيد بالمعنى السياسي في نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي مثل الموجود في المغرب أو دول العالم الثالث؟

أكيد أن تحليلا علميا موضوعيا سيخرج بنتائج لن ترضي " أدعياء الديموقراطية " كما لن ترضي " أدعياء الاستبداد السياسي". فنحن في السياسة نتحدث عن الفعالية أكثر من مشاعرنا الرومانسية. لذلك فبدون تشقيق الكلام خيار التعدد الحزبي غير صالح بالمعنى السياسي في واقع السياسة المغربية، لعدة اعتبارات أساسية.

أولا لأنه يبلقن المشهد السياسي ويشتت الأحزاب والتيارات في إطار أطياف متعددة ومتصارعة، المثال ما يقع داخل الأحزاب السياسية من صراعات حول الزعامة والمصالح الشخصية.

ثانيا عدم فعالية الأحزاب لأنها متشابهة وليس هناك ما يميز بعضها عن الآخر وبالتالي نفور الجماهير من الانخراط في العمليات الانتخابية لأنها تعتبر أن كل الأحزاب متشابهة.

ثالثا عدم وجود حزب سياسي بالمعنى الفلسفي للكلمة ونقصد تيار سياسي وإيديولوجي صاحب رؤية تاريخية سياسية اقتصادية اجتماعية للمجتمع قادر على طرح مشروع سياسي ذو أهاف استراتيجية قريبة وبعيدة المدى، دولة ومجتمعا وحضارة.

أخيرا اللاشعور السياسي للمجتمع المغربي لا تناسبه الحزبية بمعناها الحالي لأنه تربى لقرون على نمط قائم على القهر والاكراه وبالتالي لن يستطيع أن ينسجم بين عشية وضحاها في لعبة ديموقراطية قائمة على الصراع والمنافسة، التي هي مهمة في النظام الديموقراطي، لكنها معيبة في الأنظمة السياسية الهجينة أو السائرة في طريق التحول الديموقراطي، لأنها تنهك النخب والمجتمعات والمؤسسات في خصم صراعات سياسية في غياب تام للفعالية، النموذج تونس حاليا.

ومن خلال هذه النقطة الـأخيرة فالمخزن في المغرب يفهم جيدا هذا المعطى، وبالتالي هو في ورطة مزدوجة، من جهة لابد أن يعمل على إنهاك الأحزاب والتحكم في الخريطة الحزبية، لأن كل تقوية لها هو تهديد له وتهديد لاستقرار النظام بشكل عام. ومن جهة أخرى ليس من صالحه قتل الأحزاب السياسية لأن قتل السياسة هو فتح لباب العدمية، الحاصل أنه في إطار مسلسل للإنهاك طويل الأمد، وحينما يستمر هذا المسلسل فإن ما يتقوى هو قيم الاسترزاق السياسي و الترحال والمصالح الشخصية.

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...