vendredi 4 juin 2021

تأملات شتوية

l'hiver ou Fagottage, de Jean-Baptiste Oudry,1749

من أشد فصول السنة قربا إلى نفسي، فصل الشتاء حيث السماء الملبدة بالغيوم وأفضل تلك السوداء منها المحملة بالأمطار الكثيفة ولما يضرب البرق محدثا شررا عائلتك يخترق لب السماء، يليه هزيم رعد يحرك الارجاء. ثم تبدأ الأمطار بالهطول رويدا رويدا وتبدد الغبار وتمسك وجه الارض الكئيبة. إنها سمفونية عظيمة تقوم بها الطبيعة ليس بجنون تغضب كما يخيل لذوي الأفهام المحدودة، ولكن كل شيء بالنظام والثبات إن فهمت هذا المنطق ملكت الكون والنفس والعالم. متى تضطرب النفوس لما لا تكون على انتظام ولا على نظام أنذاك تختلف النظرة فنبحث عن التوازن من جديد. حتى الكلمات التي أدبجها الآن ليست إلا وليدة تفاعلات جنة هي التي تمنحني القدرة على التعبير. مشاهد الشتاء دواء النفوس الكئيبة وراء الأراضي اليابسة الجرداء وتبديد للغَبش من على وجوه التعساء. لذلك أحب أجواء وانتظر ما سيلينا كما يقول المثل الفرنسي " بعد المطر يأتي الوقت الجميل" وهو يَقينا فصل الربيع حيث تينع البراري وتزدهر وتحدثنا الطبيعة بخيلاء عظيم عن نفسها. لذلك نحن البشر ما وانا في الطريق الصعب لنفهم الطبيعة قوانينها و نُظُمها، لكننا بالفعل قطعنا أشواطا عظيمة. من أولئك الذين أحَبوا الحرية وعشقوا المغامرة وفكروا بذكاء. أما بعض المحسوبين على الإنسانية فهم عالة على جسد العالم ليس إلا. وأنا أتحدث عن مشاهد المطر أتذكر أجدادي البدائيين وكيف كانوا ينبهرون امام الطبيعة ويجثون طالبين الرحمة من الآلهة. لأنهم لا يرون في المشهد غير البشاعة ولا يتوقعون غير الأسوء. فكانوا في هلع عظيم صنعوا به الرعب وجعلوا العالم رعبا وهلعا. في حين أنه جميل وفاتن. في أوقات الشتاء أحب الأركان المنزوية من البيت. وإن كانت المدفئة مشتعلة تطلق شررها فذلك عظيم وما أعظمه. وأنا أنصت لأنني الناي كما كنت أفعل في الصباح أو أشاهد فيلما في التلفاز أو أقرأ كتابا أو أنشغل بعمل ما. أو في كل الحالات أتأمل حالات نفسي وأسبح بذهني في الأفق الكوني. أنذاك أحس بكينونتي. أو أطلق العنان للحياة كي تدب في أوصال جسدي.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...