lundi 29 novembre 2021

الانتهاء من بناء نفق حسان في أربعين يوم: أي درس؟

 


تفاعل المغاربة مؤخرا مع حدث إكمال حفر نفق في مدينة الرباط، الشركة التي تولت المهمة كان عليها أن تضع أجَلا محددا لإنهاء الأشغال لأن هذه الأشغال نتج عنها عرقلة حركة السير خاصة حركة الترامواي وهي وسيلة نقل مهمة تربط ساكني العدوتين.  لما بدأت الأشغال حدث ارتباك في تنقل المسافرين عبر الترامواي سيما ضرورة تغيير القاطرة في محطة الحسن الثاني وقطع مسافة ليست بالقصيرة مشيا ثم الصعود على متن قاطرة جديدة في محطة 16 نونبر وهو ما خلف استياء كبيرا لدى مجموعة من المواطنين كما حدث ارتباك لدى أصحاب السيارات كذلك. لم تلتزم الشركة المعنية بالأشغال بالآجال المحددة فقط، بل انتهت قبل الأجل مسجلة بذلك رقما قياسيا في سجل تنفيذ المشاريع على المستوى الوطني. واستغرق الورش أربعين يوما فقط!

المستفاد من هذه الواقعة الصغيرة هو الدروس العظيمة التي يمكن استخلاصها، تمثل مثل هذه الوقائع نماذج فريدة في إطار صورة أعم تتميز كما يعلم الجميع، بالتماطل في تنفيذ المشاريع وكذلك عدم تنفيذها على الوجه المطلوب، سواء كانت هذه المشاريع متناهية في أهميتها كصباغة رصيف أو إصلاح عمود كهربائي أو تغيير مصباح إنارة عمومية. أو بناء مرحاض عمومي ... إلخ أو كانت من طبيعة المشاريع المتوسطة كإنجاز طريق وطنية، أو بناء سد، أو إنشاء مؤسسة، أو إصلاح خدمة النقل في مدينة من المدن أو تجاوزت كل ذلك وأصبحت من المشاريع الكبرى التي يتم في الغالب تدشينها وفق مخططات مهيكلة ومندمجة وتتميز بتعدد المتدخلين وتكون تكلفتها مرتفعة وتكون ذات بعد استراتيجي، مثل جل المخططات التي يدشنها الملك من حين لآخر مثل مشروع تهيئة المدن الكبرى كالرباط وتطوان، ومراكش، وأكادير، وغيرها. أو مشروع المغرب الأخضر والمخطط الأزرق ومشاريع منارة المتوسط وغيرها. لو تأملنا في كل هذه المشاريع مند انطلاقها بدءا من مكاتب الدراسات الأولية مرورا بالاتفاقيات المبرمة وصولا إلى الانطلاق الفعلي، نجد أن الغالية منها تشهد تعثرات، حتى ولو كانت في أحيان كثيرة " مشاريع ملكية" دشنها الملك شخصيا. والمفروض كما جرت العادة أن مثل هذه المشاريع تحظى بأولوية أكبر لأنها تحت إشراف الملك مباشرة. إذن نرى أن الكثير من التعثرات خاصة تلك المتعلقة بآجال التنفيذ والاستلام. دون الحديث عن جودة المشروع نفسه. هذه الصورة الكبيرة لا تعجب الكثير من المواطنين بطبيعة الحال، لكن من منطلق موضوعي فهناك في أسوا الظروف وأقبح السياقات بقع ضوء تحتاج منا اعتبارها كنماذج لما سماه جيل دولوز ثورات ميكروسكوبية. ويقصد بها بعض الظروف والمواقف التي يكون فيها المتدخلين من فصيلة الثوار والمغامرين ومن جملة أولئك الذين يحاولون تحدي البنية والظروف المحيطة التي يشهد الجميع على سلبيتها وعدم ارتقائها إلى المستوى المطلوب. وهو ما يجعل المغرب كما هو الشأن في كل بلدان العالم الثالث يصنف في مؤخر التصنيفات على مستوى التنمية البشرية. هذه الثورات بمعناها الجزئي تختلف عن تلك الثورات التي نظر لها المنظرون والفلاسفة أي ثورة تأتي من فوق فتغير كل شيء. إذن مثل هذه المبادرات ونقط الضوء يجب أن نحتفل بها ونشجعها ونسلط عليها الكثير من الأضواء لتكون نموذجا لكل مواطن مهما قلت مرتبته الاجتماعية أو عظمت، ولحسن الحظ فمع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر نرى نماذج مثل هذه، والتي تتفاعل معها الجماهير بشكل كبير. إنجاز نفق حسان في ظرف 40 يوم قد يكون حدثا بسيطا في الواقع لكنه من حيث الدلالة هو عظيم وكبير. وماذا لو تصورنا مثلا أن كل الفاعلين سواء كانوا سياسيين، أو نخب اقتصادية، أو ثقافية، أو مسؤولين، أو موظفين صغار، أو أي شخص يعيش في تربة هذا لوطن. ماذا لو تحولت بلادنا إلى ورش من مثل هذه الإنجازات البسيطة. بتلك الطريقة سيكون لدينا كمجتمع وكدولة وكأمة حلم جماعي، يساهم كل واحد منا في إنجازه. وبتلك الطريقة قد نستطيع أن نشتغل كل في مكانه ومن موقعه بحماس وصدق وستعود الثقة الى المواطن وقد يصدق فينا قول غاندي : أن يكون كل واحد منا التغيير الذي ير يد أن يراه في العالم , وقد نكف كذلك عن لعن الظلام ونشعل شمعة من الأمل ! ربما!

jeudi 18 novembre 2021

خرافة التعدد الثقافي في المغرب

 

سقف قصر الباهية بمراكش ذو الزخارف المغربية المميزة

التعدد الثقافي معناه تعدد الهويات والثقافات في وطن واحد. أو في داخل حضارة واحدة أو في العالم أجمع. وهو ميسم العالم بالفعل وتلك سنة كونية خلاقة لا جدال فيها ولا خصام! بل يجب حمايتها والدفع بها. وقد ترسخت هذه الفكرة في المغرب في دستور   2011 خاصة في الدباجة حيث يقرر بان " المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية- الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية، والأندلسية، و العبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبت الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء." وذلك كان بفصل نضالات الحركات الثقافية في المغرب التي سعت لتجاوز النظرة التي تؤسس عليها الدولة شرعيتها منذ إدريس الأول وهي ثنائية الإسلام والعروبة. لكن الحقيقة أن القول بالتعدد اللغوي في المغرب محض خرافة، لأن المغرب ليس بلد متعدد الثقافات رغم أن ذلك لا ينقص من قيمته شيئا، بل هو بلد متعدد الأصوات واللهجات، لأن الحياة الاجتماعية اليومية تختلط فيها لهجات المغاربة وأصواتهم. والقول بأن المغرب متعدد ثقافيا معناه أن هناك ثقافات مستقلة بنفسها، تشكل منظومة من الرموز، والأساطير، والفنون، والعادات. والتأكيد على التعدد هو نسف مبطن للوحدة. والصحيح أن المغرب متعدد لسانيا وليس متعدد ثقافيا، قد يعترض معترض قائلا: أليس هذا التعدد اللغوي مظهرا من مظاهر التعدد الثقافي، الجواب هو بالنفي لأن تعدد اللهجات في المغرب سببه الأساس، اختلاف الجغرافيا، بين سهل وهضبة وجبل. وصحراء. وكل منطقة جغرافية مخصوصة بخصائص متفردة، فأن يتكلم مواطن ما بلسان جبالة، أو بلسان الريف، أو بلسان سوس، أو لسان درعة. ليس معنى ذلك أنه حينما يعبر، يعبر عن أربع ثقافات. بل هو يعبر عن ثقافة واحدة بلسان مختلف. إذن ما هو محدد الثقافة المغربية؟ الجواب مباشر وبسيط: تمغرابيت  ! و  ما معنى تمغرابيت؟ معناها توليفة من العناصر الثقافية التي تشكلت في منطقة جغرافية، تعتبر منطقة عبور تاريخية، بين أوروبا شمالا وإفريقيا جنوب الصحراء جنوبا، وآسيا شرقا، ومادامت منطقة عبور فهذه وعاء حضاري لكل المزيج الثقافي الذي مر من المنطقة.  وهنا لابد من نسف خرافة أخرى، هي الخرافة التي يروجها أصحاب الأصالة الثقافية، سواء من يدعون الأصالة الوافدة أو دعاة الأصالة المحلية. وهو القول بماهية ثابتة للهوية والثقافة المغربية، ويبحث عن عنصر هو محور ذلك التعدد الظاهر الذي لا ينفونه كي يمنحوا ادعاءاتهم المصداقية المزيفة.  فلا وجود لتلك الماهية الثابتة، اللهم إن سلمنا بأن في المغرب ثقافة محلية أصلية وهذه مسألة لا ننكرها بتاتا، بل هي حقيقة تاريخية لم تستطع حملات الطمس المتواصلة منذ ألف ونصف الألف من السنوات، اقتلاعها، نعم استطاعت تهميش تلك الثقافة الأصلية، بشكل كبير، لكن أن تطمسها فلم يكن ذلك في المستطاع، لأن المغربي ولو أظهر احتقاره لثقافته المحلية واحتفل بثقافة الآخر الأجنبي، إلا أنه في قرارة نفسه المضمرة، يظل وفيا لها. حتى أنه لا يستطيع نفيها بالمرة، وهذا ما حدث للثقافة المحلية الأمازيغية بالخصوص، التي تصادمت مع موجات الاستعمار المتوالية على الشمال الافريقي منذ ما قبل التاريخ: الآشوريون والموستريون والعاتيريون والإيبروموريسيون مرورا بالعصر القديم، مع الفينيقيين والبونقيين والرومان، ثم الوندال، ثم القوط الغربيين فالروم البيزنطيين. وصولا للعصور الوسطى حيث وصل الغزو الإسلامي العربي، وتوالت السلالات التي اتخذت ثنائية العروبة والإسلام إيديولوجيا للحكم رغم أن كل السلالات كانت أمازيغية محلية، لكن مادام المغرب مرتبطا بالشرق فقد كانت الضرورة السياسية تقتضي الارتباط بالمشرق العربي، وهكذا تناوب على عرش المملكة، الأدارسة ثم المرابطون ثم الموحدون ثم المرينيين فالوطاسيين فالسعديين فالسملاليين فالعلويين.  ثم أخيرا الاستعمار البرتغالي ثم الإسباني ثم الفرنسي. لذلك ظلت تلك الثقافة المرجعية حاضرة في النفوس وهي الارتباط بالأرض والجغرافية، وهي كما قلنا سابقة ليس ماهية ثابتة، بل هي متحولة ومتداخلة، قادرة على إلحاق البشر بأصلهم الحقيقي وهو الطبيعة.

من خلال ما سبق يتبين لنا أن هذه الخرافة التي تم التأسيس لها، لا تنسجم مع واقع المجتمعات التي تشهد بالفعل ثقافات متعددة، لكن المغرب هو شعب وثقافة واحدة، نؤكد على وجود هوية محلية أصلية استوعبت العناصر الوافدة في نسيجها، لذلك فنحن نؤكد على أن الثقافة المغربية تتضمن كذلك العنصر الفرنسي والبرتغالي والاسباني في نسيجها، ومن يدعو لذلك، فالتهمة سترتد عليه لامحالة.

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...