jeudi 28 avril 2022

المثقف العروبي أو عقدة اسمها الأمازيغية

 





كثيرون هم أعداء الثقافة الأمازيغية، على الخصوص اتجاهان إيديولوجيان، الاتجاه الإسلاموي، الذي يرفض الأمازيغية هوية وثقافة ولغة، لأنها تزاحم العربية والعروبة التي أرادو لها أن تكون ركنا سادسا من أركان الإسلام، وكذلك لأنها ثقافة تتضمن موروثا ورؤية للعالم تختلف أو تناقض ما جاء به الإسلام، كذا! نازعين بذلك صفة " الكوني" عن الإسلام. الاتجاه الثاني، هو الاتجاه القومي العروبي، التي يرفض الثقافة الأمازيغية، لأن أتباع هذا التيار يرون أن النهوض بالأمازيغية هو تهديد للعربية التي هي عماد القومية العربية. كلا هذين التيارين استئصاليين، لأنهما يرفضان الأمازيغية، والنهوض بها، وبالتالي تهميشها أو تواريها في الظل في أفق زوالها وبالتالي بناء دولة العروبة في خيال القوميين، أو أمة الإسلام في مخيال الإسلاميين. وبذلك العودة إلى الأزمنة الغابرة في الماضي السحيق، لأن الانخراط في العصر غير ممكن فمستقبل هؤلاء في ماض متخيل غابر. لذلك فكل دعوة للنهوض والتفكير في المستقبل تثير نوازعهم وأحقادهم. الكثير من هؤلاء ماتوا لأن الخطاب الذي ينادون به انقضى إلى الأبد في ظل انتصار قيم الديموقراطية والحداثة، التي تجعل من التنوع الثقافي عبر العالم، ركيزة أساسية في البناء الديموقراطي لكل دولة، لكن مازال هناك بعض الوجوه التي غزتها التجاعيد، والرؤوس التي بيضها الشيب والتي تفشل الصبغات في تغطيتها، واحد من هؤلاء، وفي ظل تقاعده السمين من تدبير لقطاع وزاري كانت حصيلته فيه صفرا، اختار أن يمارس هواية تدبيج مقالات صحافية ينفث فيها سمومه وأحقاده على هوية البلاد واختيارات قيادته، التي كان ينحني لها خضوعا وتذللا. هذه المقالات تدور حول فكرة واحدة وهي العداء للخطاب الأمازيغي وللثقافة الأمازيغية. في السابق اعتقدنا أن صاحبنا ربما أراد أن يدلو برأيه في قضية تشغل الرأي العام ومسلسل دمقرطة وتحديث المغرب، لكن مع الوقت تبين أن صاحبنا مصاب بمتلازمة اسمها " الأمازيغوفوبيا"، ربما لأن القضية جدلية لذلك أراد ربما أن يثير حولها الجدل، لكن للأسف ذلك لم ينجح لأن ما يقوم به يمر دو ن أن يلتف إليه أحد. هذه الحالة تعبر عن مأساة المثقف في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، التي أصبح فيها الوضع الثقافي مزمنا فعوض أن ينشغل " مثقفونا" بالقضايا الرئيسية في البلد، ومنها الانتقال الديموقراطي، والوحدة الديموقراطية، والتحول الرقمي، والقضايا الاستراتيجية، ها هم يؤججون الأحقاد ويردون على اختيارات الدولة، فإن كانت الأمازيغية إذن بهذا السوء، فلماذا وجه صاحبنا كلامه للمثقفين والنشطاء الأمازيغ، ولا يوجهه بالمقابل إلى القائمين الفعليين على السياسة الاستراتيجية في البلد، ونحن نعلم أن النهوض بالأمازيغية، كان قرارا ملكيا في إطار الاختيار الحداثي للمغرب، وربما هي المسألة التي يعيها جيدا صاحبنا، فكما يقول القول المأثور " وحدها الأشجار المثمرة ترمى بالحجر"، فلماذا لم نجد صاحبنا يخصص أي مقال في السابق وهو الذي عاش تلك الخمسينيات والستينيات، لأنه رجل طاعن في السن، لماذا لم يكتب حول الأمازيغية، إلا في هذا التوقيت بالضبط، السبب واضح لأن هناك عملا عظيما أنجر فيما يتعلق بالأمازيغية في المغرب، وهو نضال منسجم مع الخطاب الحداثي والديموقراطي الذي يشهده المغرب، وهو ما يشكل عقدة نقص رهيبة لصاحبنا. خلاصة الأمر أن الخطاب الذي يدعو له صاحبنا خطاب موبوء وقد اصطدم بالحائط، سواء الخطاب الإسلاموي أو الخطاب القومي العربي. الخطاب السائد اليوم هو خطاب أساسه الدولة وليس الأمة، إن كانت هناك أمة أصلا فهي الأمة المغربية. ولكل أمة تاريخ وحضارة، المغاربة في السابق كانت تحكمهم إيديولوجية آتية من المشرق، ثم استعمرتهم إيديولوجية آتية من الغرب. اليوم المغاربة يؤسسون لهويتهم، والمحدد الأساسي لتلك الهوية هي الأرض التي تتأسس عليها حضارة البلد، على صاحبنا أن يقوم بجولة عبر المغرب من شماله إلى جنوبه، من شرقه إلى غربه، ليرى سكانه كما هم في واقعهم، وليسمع أصواتهم ولغاتهم وهويتهم، ويشاهد توبونوميته  Toponomie البلد، أنذاك سيدرك أن هوية المغرب هي هوية واحدة في إطار التعدد، وهو الأمر المنصوص في دستور المملكة، وليدرك أن الأمازيغية هي هوية أصيلة غير مستوردة من الخارج. لكن للأسف صاحبنا يعيش في عالم منته وهو سجين خيالات منفصلة عن الواقع، وعليه أن يستيقظ ليدرك هذه الحقيقة.

mardi 26 avril 2022

العداء للفـــــــــــــــــن





كل مرة يخرج وجوه من التيار السلفي المتطرف في دول شمال افريقيا والشرق الأوسط، لنفث سموم الحقد والعداء لكل ما يعبر عن مظاهر الحياة والاحتفال، آخر الخرجات هي الضجة التي افتعلها " شيخ " سلفي مغربي معروف في  مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهاته التي تتناول القضايا الاجتماعية والتي ينفث من خلالها مقولات خطاب الكراهية المتزمت، ولأن الدولة المغربية قد قطعت أشواطا كبيرة في تحصين المجال الديني وتقنينه منذ التفجيرات الإرهابية  في الدار البيضاء سنة 2003، ومع أفول هذا الخطاب ونهايته، خاصة مع العنف الكبير الذي مارسوه وحاولوا من خلاله نشر الفوضى عبر العالم، فإن تكتيكات السلفيين اقتضت أن تغير ظاهر الخطاب، كي يظهر على شاكلة أنه خطاب يتوخى التربية الأخلاقية والدينية للمجتمع، لكن وراء هذا الظاهر تتوارى منظومة من الكراهية السوداء للحياة ومظاهر الاحتفال وللثقافة واللغات والانفتاح على قيم الحداثة والديموقراطية وكل ما هو منتم للعصر الحديث. وكثيرة هي المقاطع التي رجع إليها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في معمعة الجدل، لإظهار الدعوات إلى القتل والعنف التي كان يدعو إليها الشيخ.

 هذا السلفي وجه انتقادات حادة لمسلسل مغربي رمضاني ناجح، حقق نسب مشاهدة قياسية،  يتحدث حول " الشيخة"، وهي فن من الفنون المغربية الضاربة في جذور التاريخ المغربي الموري، والتي حاول الشخص المذكور، إلحاقه باللاأخلاق والرذيلة، غير مدرك أن الأصالة التي يتجذر بها في خطابه، تتجاوزها أصالة هذا الفن العريق، ولكن عداء هؤلاء لكل ما هو محلي ووطني وأصيل أعمت بصيرة المتدخل، مقابل الاحتفال بإيديولوجية سوداء عابرة للقارات، لكن الكثير من المغاربة دافعوا عن هذا الفن وواجهوا صاحب الدعوة المتطرفة بالدليل والبرهان على أن الفنون الشعبية جزء أصيل من ثقافة المغرب وحضارته، ولا يمكن لأصوات نشار أن تغير من واقع الأمر شيئا، والأخطر في الأمر أن هؤلاء الذين يخرجون في كل مناسبة لإطلاق سمومهم، مع ما منحته وسائل التواصل الاجتماعي من حرية، يحاولون احتكار الحديث باسم الإسلام كأنهم وحدهم المسلمون، وما دونهم من المجتمع "كفار" و" عصاة"، وهو الخطاب المتعالي والفوقي الذي يوجهونه للطبقات المسحوقة من المجتمع التي تصفق لهم في كل مناسبة، غير مدركة أن وراء الكلام المعسول وتقنيات الجدل تخفي وراءها، خطاب متجذرا في مياه الكراهية. وهو الأمر الذي يجب أن تنتبه له السلطات المغربية، لأن مثل هؤلاء يسعون لاجتثاث ثقافة المجتمع واحلال محلها ثقافة " داعش" و"طالبان"، وهو الأمر غير الممكن من الناحية التاريخية والواقعية.

في الأخير نؤكد أن المغرب دولة ضاربة في التاريخ، وما الفنون الشعبية والعادات واللغات والتنوع الحاضر في المغرب، إلا صورة عما يتجذر في صميم هويتنا كمغاربة، منفتحين على العالم، ومتأصلين في صميم أرض إفريقيا، ومنفتحين على أوروبا وحضارتها ومولين وجوهنا نحو حضارات البحر الأبيض المتوسط، مصرية وعربية وفينيقية وأمازيغية، وغيرها من فسيفساء تاريخ الإنسانية العظيم وتاريخ المنطقة التي حبانا الله بها، ولن يستطيع صوت ناشر أن يغير من هذا الواقع المتجذر قيد أنملة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لا يجب اعتبار كلام " الشيخ" هو التعبير عن الإسلام لأن الإسلام ليس مجالا محفوظا للإيديولوجية السلفية الوهابية، بل هو مجال متعدد المذاهب والملل، والمغرب يقوده أمير المؤمنين، وهو الساهر على العقيدة التي ارتضاها الكثير من المغاربة، باعتبارهم أشاعرة على مذهب المالكية والتصوف الجنيدي. كما أن المغرب قطع أشواطا في تحديث وعصرنة ترسانته القانونية، التي تفتح الباب أمام تنوع العقائد وتلتزم بحرية المعتقد. وهو الأمر العظيم الذي يقض مضجع السلفيين، الذين يرون أن الواقع الذي يحلمون به، وواقع المجتمعات التي يعيشون فيها غير منسجم، ولا ننسى في النهاية أن " شيوخ الميديا" في نهاية المطاف، أنهم أحيانا يسعون لإثارة الجدل حولهم، كي يحضوا بالكثير من المشاهدات وبالتالي تنتفخ أرصدتهم البنكية، وهو ما وفرته لهم التكنولوجيا، التي هي ثمار الحداثة والعقل والعلم، وهو الخطاب الذي يشنون كل قوتهم لمواجهته، لكن للأسف ذلك غير ممكن عقلا وواقعا.


التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...