mardi 19 août 2025

أي مخرج للحرب في غزة


 

يقول اسبينوزا: "لا شيء يدعو للبكاء، لا شيء يدعو للضحك، كل شيء يدعو للفهم."

بدأت الحكاية منذ البداية، من خلال استعمار كامل لما سمي بفلسطين التاريخية، ردا على لعبة من يرمي الآخر في البحر التي كانت بين التيار القومي العروبي بقيادة جمال عبد الناصر، وبين اليمين الإسرائيلي. فعرفنا جميعا كيف انتهت القصة، بعد معاهدة أوسلو سنة 1993، ربح الفلسطينيون تحت القيادة القومية العروبية لمنظمة التحرير الفلسطينية، سلطة وطنية واستقلال ذاتي، مع ما منحه ذلك من شخصية اعتبارية للفلسطيني الذي أضحى يحظى بدولة واستقلال، لم يكن كاملا بطبيعة الحال، ولكن لأول مرة في التاريخ، لأنه كما ذكرنا في مقالة سابقة لم تكن فلسطين قط عبر تاريخ الإنسانية كيانا مستقلا، بل كانت تابعة للإمبراطوريات التي تعاقبت على المنطقة آخرها الإمبراطورية العثمانية، لكن أوسلو منح الفلسطينيين هوية وطنية حديثة على شكل باقي الدول القومية التي تعتبر افرازا موضوعيا للحداثة السياسية، فأصبح لسكان قطاع غزة و الضفة الغربية كافة الشروط كدولة بما فيها الشروط الثلاث المعروفة : الأرض والسكان والحكومة. وأصبح الفلسطيني لأول مرة يحمل بطاقة هوية وطنية وجواز سفر وعلم ونشيد وطني وحكومة ومؤسسات، رغم أن التيار العدمي اليميني المتطرف في فلسطين وحتى في إسرائيل رفض هذا الأمر جملة وتفصيلا.  ولو سارت الأمور بشكل جيد مع احترام روح أوسلو، كانت فلسطين ستصبح دولة مستقلة تماما عن أي تنسيق أمني مع إسرائيل عاصمتها القدس الشرقية. لكن مع ظهور الإيديولوجيا الإخوانية الدينية تغيرت الأمور بشكل جذري ورجع الفلسطينيون إلى المربع الأول، لأن غزة التي استولى عليها التيار الديني العنيف، اختارت هذه المرة "المقاومة"، لكن ليس بالمعنى القومي، ولكن تم استغلال العاطفة الدينية الأكثر تأثيرا لحشد الجماهير من جديد نحو حل راديكالي عنيف أي جهاد ديني، وتم الاستيلاء على غزة بالقوة، وبدأ التيار الديني الإخواني بتخوين السلطة الفلسطينية وحركة فتح وقياداتها، وتم تغيير رمزية ياسر عرفات، برمزية أحمد ياسين، وكانت الظروف مواتية لهيمنة هذا التيار داخل غزة، من خلال الزخم الدولي الذي رافق صعود الحركات الدينية والإرهابية في الشرق الأوسط.

لكن مع تراجع زخم هذه الحركات تحالفت  حماس مع  ما يسمى "تيار الممانعة"، التي تقوده إيران وهي نظام إيديولوجي عنيف يؤمن بالعنف كسبيل لحل المشاكل، إذن الأمر طبيعي جدا والتناول العاطفي لمسألة  غزة لن يعطي فهما سليما للقضية، حماس بقيادة إيران قامت بمغامرة، يوم سابع أكتوبر 2023،  وكانت محمولة بعاطفة دينية جياشة، ومادامت قد قامت بمغامرة فعليها الالتزام بمنطق المغامرة، وهو إما الربح أو الخسارة، ولايجب أن ننسى كيف أن غالبية الرأي العام العربي، هلل  لمشاهد  العنف التي ظهرت صبيحة يوم السابع من أكتوبر، فقط بعض العقلاء،  لم يحملهم الحماس،  لفهم أن الآتي سيكون أعنف وأصعب بالنسبة لسكان غزة وحتى كذلك للمسألة الفلسطينية عموما.

من الحماس الديني إلى الاستجداء العاطفي:

نتائج مغامرة حماس، ظهرت نتائجها منذ أن تم اغتيال كل القيادات التي دبرت العملية، ليس فقط قيادات حماس، بل حتى القيادات الشيعية بما فيها "الزعيم المبجل" حسن نصر، ثم شنت إسرائيل عمليات عسكرية في العمق الإيراني، وهو ما أدى إلى موت ما يسمى بخط المقاومة، خاصة مع سقوط نظام بشار، وتراجع حزب الله، وانكفاء إيران. العمليات العسكرية الآن التي تقودها إسرائيل مركزة على غزة، من خلال العمليات الميدانية التي أراد لها الإسرائيليون أن تكون " تطهيرا لغزة من حماس". لكن التيار الإخواني لحماس، يلعب سياسة، ومازال يمارسها حتى من تحت الأنفاق، لا تريد حماس التخلي عن كل أوراقها، مادامت البنادق الإسرائيلية لم تصل بعد إلى رؤوس العسكريين الحماسويين في الأنفاق، لكن الأخطر والذي يبين العقيدة المتطرفة لعصابات حماس، هو عدم مراعاتها للمآسي التي يعيشها المدنيون فوق الأنفاق. بل إنهم في الكثير من الأحيان يختلطون مع المدنيين، وكل من خرج من تحت عصى الطاعة، يرمى بالسلاح أمام الجميع، وهكذا، الضحية الأكبر في هذا الصراع هو المواطن الغزاوي، الذي أصبح بين نارين: نار الجيش الإسرائيلي، ونار العصابات الإخوانية.

 في ظل هذا الوضع العسكري، تستغل حماس المأساة الإنسانية للعب أوراق سياسية ضيقة، وهو ما يبين بشاعة هذا التيار الذي لا يقل عن بشاعة الجيش الإسرائيلي، لأن كلا الطرفين عبارة عن عصابات دينية وقومية لا تنظر للعالم بعين الاختلاف والقدرة على التعايش، لذلك لا يمكن أ تتأسس ديموقراطية سواء في إسرائيل أو فلسطين أو حتى الشرق الأوسط، دون هضم ثقافي حقيقي للقيم الإنسانية الجمعاء.

برودة الواقع:

هل تنتهي الحرب في غزة؟  الجواب قطعا نعم، لكل شيء بداية ونهاية، لكن هناك سؤال آخر: كيف ستنتهي هذه الحرب؟ الجواب حينما تحقق، أهدافها، هناك إيديولوجيات تتقاتل، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أهمها الإيديولوجية الدينية وهي الأعمق والأكثر تجذرا، لأنها لا تظهر كإيديولوجيا فقط، بل كثقافة يعيشها البشر في المناطق التي ينتشر فيها الإسلام، ينظر الجميع إلى الإسلام دين ودولة، ومن الصعب أن يتم فصل هذا الأمر في الأذهان، خاصة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية الخانقة، فهذه الإيديولوجيا، تصبح هي المتنفس الوحيد لتنفيش الضغط، فيستغل الديماغوجيون الأذكياء، كحماس في هذه الحالة.

 ثم هناك الإيديولوجية القومية اللاحقة، وهي كذلك، الأكثر تجذرا من الناحية العاطفية، لأنها مرتبطة بهوية الفرد وكيف يعرف نفسه، لذلك نرى كيف أن القومية العربية لعبت وما تزال تلعب على عقول وعواطف جزء كبير من الجماهير في الشرق الأوسط، رغم تضعضع هذه الإيديولوجيا، ثم الإيديولوجيا الاشتراكية التي امتزجت بالقومية، فأصبحت اشتراكية قومية محلية، شكلت بدورها الكثير من الصراعات بين التيارات الاشتراكية العربية نفسها. بقيت إيديولوجية واحدة لم يتم تبنيها من طرف الجماهير لأنها أقل بريقا من الإيديولوجيات الأخرى، لأنها ليست جماهيرية،  فالشرق الأوسط يتضمن جماهير متعطشة لطوباويات ومثاليات تنقلها من الواقع المأزوم  نحو الغد الأجمل،  ليس اليوم فقط بل منذ غابر الازمان،  الجماهير العربية في انتظار مهدي منتظر يخلصها من العذاب،  وليس بشكل فردي بل بشكل جماعي، وهو  الأمر الذي يتعارض مع إيديولوجيا الحرية أو الليبرالية التي تركز على الفرد ، وتحمله كامل المسؤولية على وضعه، وهو الامر الذي لا ينسجم مع المزاج الذهني للمناطق العربية، ولكن العالم اليوم لا يمكن  أن تنخرط فيه دون أن تتبنى هذه المفاهيم الليبرالية،  الفرد الحرية الاختلاف، التعددية،  الحوار بدل العنف، التعايش بدل الحرب.

 عود على بدء: في المسألة الثقافية من جديد

 حماس، أو حزب الليكود، كلها تيارات دينية متشددة، وقد التقت في أرض القدس، وتتقاتل من أجل الوجود، المسلمين والعرب، وهم الأكثرية يرفضون في صميم أرواحهم، وجود دولة في " خاصرة الأمة العربية الإسلامية"، وإسرائيل بدورها تسعى لاستعادة مملكة أورشليم بكل روحها، وهنا نسقط في ظهور العنف كما تحدث عن ذلك الأنثروبولوجي الفرنسي بيير جانيت. الحل في ظل هذا الوضع، هو الحوار،  خاصة للطرف الفلسطيني لأنه الأضعف في المعادلة،  وعليه أن يفهم أن لغة الحماسة التي كانت تميز قصائد الجاهلية،  لم تعد تعطي أي نتيجة في  عالم اليوم، لذلك شاهدنا كيف أن الرأي العام العربي يحاول عبر وسائل التواصل الاجتماعي استجداء العالم للتعاطف معه،  ولكن لا يفهم أن المنطق والعقلانية والواقعية هي التي بدأت تسيطر على كل مناحي الحياة المعاصرة، حتى في أكثر الجوانب حميمة في حياة الإنسان المعاصر،  الحماس الحمساوي المنطلق يوم 7 أكتوبر لم ينجح،  والمغامرة غير الواقعية آلت إلى الوضع الحالي، وما دام المقامر يغامر بدون تفكير لا بد عليه أن يتذكر أنه  غامر، والمغامرة بطبيعتها خطيرة جدا،  وهو ما جعل حماس ومعتقليها من سكان غزة يصلون إلى هذا الوضع. عليهم الآن أن ينصاعوا لمنطق السياسة والحوار، وعلى حماس أن تتنازل عن الصلابة التي تغذيها الأوهام الدينية، وأن تخرج من جحورها، وتعقد لن نقول صفقة لكن اتفاق يحترم العالم بأسره، كما احترم معاهدة أوسلو.

أما مصيرها فقد بات وشيكا، وسيتم التنكيل لما تبقى من هذه الجماعة بشكل بشع جدا، والتاريخ بيننا.

 

 

 

dimanche 15 décembre 2024

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا


منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما بعد بين السوريين، وكان الصراع الأهلي ناتجا عن التقسيم الطائفي المزمن، الذي نشأ في سوريا وفي كامل مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. منذ زمن بعيد، وفي الفترة الإسلامية بعد دولة الأمويين في دمشق.

ونشأ عن هذا التقسيم الطائفي، الثقافي العرقي، تقسيما سياسيا، نشأت عنه قوى عسكرية حاملة للسلاح، بين مجموعات عدة: مجموعة شيعية علوية متحالفة مع النظام، ومجموعة إخوانية متشكلة في المدن الكبرى مدعومة من تركيا، ومجموعة كردية في المناطق الشمالية والشرقية من سوريا حيث يتواجد الأكراد، الذين خضعوا للكثير من الاضطهاد في ظل حكم آل الأسد وحزب البعث الطائفي العرقي، الذي فرض ثنائية العروبة والاشتراكية.

 ودخلت قوى دولية خارجية لدعم هذه الفصائل المسلحة، إيران دعمت النظام والطائفة العلوية العربية، وتركيا دعمت الإخوان المتمثلين في جبهة النصرة سابقا التي يهيمن عليها العنصر العربي، والتي تحولت إلى هيئة تحرير الشام وهي التي أطاحت بالعاصمة دمشق يوم 8 دجنبر 2024، وبالتالي استولت على السلطة.  فيما دعمت الولايات المتحدة الأمريكية الأكراد في الشمال والشرق. وكانت هناك فصائل أخرى مدعومة من طرف السعودية وقطر والإمارات.

أما روسيا بدورها فقد دعمت الأسد جويا، ولكن هدفها كان استراتيجيا، لأنها كانت تريد الحصول على قواعد عسكرية في الشرق الأوسط لمجابهة النفوذ الأمريكي، وهو ما حدث من خلال قاعدتي طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية.

واستمر هذا الصراع الدولي منذ 2011 إلى 2024 مدة 13 سنة ونصف. لينتهي النظام في النهاية.

نهاية محور المقاومة:

سبق سقوط بشار الأسد الكثير من الأحداث، الممهدة، ومن بينها، " طوفان الأقصى"، وهو مغامرة إخوانية من حماس بإشارة من إيران، انتهت بدحر تنظيم حماس والدخول إلى غزة، مع ما رافق ذلك من عنف وقتل كبير والكثير من القتلى والجرحى من الطرفين. لكن الضربات الأعنف من طرف إسرائيل التي كانت تعيش وضعا داخليا متوترا، قرأته إيران وأدرعها بشكل خاطئ، هو القضاء على أهم القيادات الممثلة لما يسمى بمحور المقاومة، والمقصود زعيم حماس " إسماعيل هنية"، ثم بعد رأس حزب الله اللبناني " حسن نصر الله" ثم كذلك رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار، ثم محمد حسين سرور ثم فؤاد شكر، ثم إبراهيم عقيل ثم علي كركي وإبراهيم قبيسي.

مع تقدم واضح لإسرائيل في غزة. ولم يبقى لها إلا شمال غزة حيث تتمترس بقايا التنظيم المسلح.

هذه الهزائم شكلت، بداية نهاية المشروع التوسعي لإيران في المنطقة. وساهمت في تراجع المغامرات الإيرانية. وكانت إسرائيل هي "الشيطان الأصغر" الذي شحذت له الدولة الخمينية، كل سياساتها من أجل الإبقاء على مشروعها، وهو في نظره امتداد " للشيطان الأكبر"، وهو أمريكا.

الذراع ما قبل الأخير للأخطبوط الإيراني:

كان القضاء على الذراع الإخواني لإيران وهو حماس، ثم القضاء على الذراع الإيراني اللبناني وهو حزب الله. تمهيدا للانتقال إلى قطع رأس الذراع العلوي السوري الذي يمثله بشار الأسد، وهو ما حدث بالفعل، ولكن هذه المرة، وقعت تسويات بين إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا التي لعبت دورا محوريا في هذا الأمر. مع أخذ الإشارة من الأردن والإمارات ومصر. ولا نعرف هل حدثت تفاهمات مع بوتين، الداعم الرئيس لبشار الأسد، ولكن انشغاله مع حدوده الجنوبية مع أوكرانيا، لم يمنح له الفرصة، لإرسال طائراته من أجل حماية نظام البعث من السقوط.

وهكذا انطلقت فصائل هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الملقب بالجولاني، والذي كان متعاطفا مع القاعدة، قبل أن يقوم بمراجعات تنظيمية وفكرية. وهو يأتمر بأوامر أنقرة، واستمرت المعارك، على أهم المناطق والمدن التي كان يسيطر عليها النظام، ومنها، حلب التي استرجعها، ثم ريف إدلب، قبل الانقضاض على العاصمة. وهروب بشار الأسد إلى موسكو.

الذراع الأخير: اليمن

ما سمي سابقا بمحور المقاومة قد انتهى إلى الأبد. ولم يعد فيه إلا ذيل صغير يتحرك، كما يتحرك ذيل الحرباء المقطوع، وهو الفصيل الحوثي في اليمن. ولكنه ليس بحجم قوة حزب الله أو حماس أو حتى حزب البعث الذي كان يحكم دولة. لكن وهجه تراجع كثيرا، خاصة مع الضربات الصاروخية الأمريكية.

سوريا من التمرين العسكري إلى التمرين السياسي:

النزاع العسكري، دمر سوريا البعث تماما، بعد سقوطه دمرت إسرائيل القوة العسكرية البعثية.

أصبحت سوريا الآن محررة عسكريا من البعث القومي العروبي، الذي أجمع الكثيرون على دكتاتوريته وتسلطه. لكن هل نجحت سوريا بالفعل؟ الجواب ظاهر سوريا لم تنجح لأن التمرين الآن الذي يجب أن يقوم به السوريون هو تمرين ديموقراطي أساسا، تلعب فيه السياسية والحوار. الدور الأكبر. وما دمنا نتحدث عن السياسية، فلابد من الحديث عن وجهات النظر. والأفكار المؤسسة للحراك. هناك تصورات كبرى في سوريا وهي: سوريا سنية سلفية، وسوريا سنية إخوانية وسوريا قومية كردية وسوريا درزية وسوريا مسيحية.

وسوريا شيعية علوية. لا يمكن لهذه الفسيفساء الطائفية والعرقية والسياسية والعسكرية، أن تجتمع تحت راية جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، وحدها الديموقراطية قادرة على ذلك، وحدها دستور مدني علماني يستطيع ذلك. وحده صوت الشعب، الذي تعرض للتنكيل، وكان البعض يدافع عن نظام البعث فقط من أجل بقاء الدولة السورية، ليس حبا في بشار الأسد ولكن درءا لنهاية الجغرافيا السورية ككيان سياسي مستقل. ومن هؤلاء مثلا بطبيعة الحال الولايات المتحدة الـأمريكية، التي تغاضت عن إسقاط بشار الأسد، بعد أن فهمت أن سقوطه سيترك فراغا هائلا، قد يتحول إلى ليبيا جديدة، وقد تبتلعه إيران فيصبح يمن جديد فاشل.

لكن لما نضجت الشروط الموضوعية والعسكرية على الأرض انتهى بشار الأسد.

لما سقط بشار الأسد، كانت هناك مشاعر متضاربة، بين الفرح لماض بعثي أسود، والتفاؤل، بغد مشرق أفضل، والخوف من مستقبل قاتم ومتشائم.

 لذلك الآن على السوريين أن يقوموا بتمرين ديموقراطي حقيقي.

أطروحة الشعب لا يستحق الديموقراطية:

كانت هناك أطروحة في بداية الحراك، كان يرددها النظام، حتى بعض المحللين الأكثر نزاهة وحكمة، وهي أن شعوب الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بما فيها سوريا. لا تستحق الديموقراطية لأنها ليست مدربة على الحرية، فالحرية في نظر هذه الشعوب إما انها فوضى ونهب لدى البعض، أو فساد وانحلال أخلاقي لدى أكثر الأصوات قوة في المنطقة الثقافية لشمال افريقيا والشرق الأوسط. وكان ينظر إلى أن نظاما دكتاتوريا ودمويا، يحفظ الأمن والاستقرار، أفضل عندهم من شعب منقسم ومتصارع وطائفي.

الآن بعد سقوط رأس النظام، كما حدث مع زملاء بشار القدامى ومنهم صدام والقذافي وصالح ومبارك وغيرهم. هل نجحت هذه الدول في تحقيق تحولها الديموقراطي. الجواب هو بالسلب لأن الكثير من هذه الدول لم تحقق ذلك التحول، وحتى إن استرجعت استقرارها، فذاك إما لقبضة سياسية حديدية من حديد، كما حدث في مصر، أو محاصصة سياسية كما حدث في ليبيا والعراق. أو هيمنة فصيل على الحكم كما حال اليمن. ماذا سيحدث لسوريا المنقسمة؟ الجواب بيد السوريين: الملاحظ أن أول خروج للجماهير من أجل الاحتفال هو يوم الجمعة سميت ب "جمعة النصر". ثم أن الشعارات التي رفعت في الكثير من التظاهرات في المدن الكبرى كحماة ودمشق. كلها لم تخرج عن الشعارات التي رفعت في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام قبل سقوطه يوم 8 دجنبر 2024. وفي بعض المظاهرات، تناول بعض الخطباء الكلمة، والقساوسة المسيحيين واقفين، وشعارات كلهم دينية بالأساس لم تراعي هذا الاختلاف. هل سيتم إذن فهم، أن كل الدماء التي أسيلت، كانت من أجل " تأسيس هذا الاختلاف" والاحتفال به ودعمه.

 هناك الكثير من الأوراش تنتظر الدولة السورية الوليدة: أولا الورش السياسي، وهو الاتفاق السياسي بين الأطراف المهيمنة على الأرض، الطرف السني  المهيمن، الذي تمثله هيئة تحرير الشام، والطرف الشيعي العلوي، الذي رغم هروب الأسد، إلا أنه هو الميمن على كل المؤسسات والأجهزة والتفاصيل في الداخل السوري، هذا الفصيل، هيمن على كافة المجالات، وهم يمثلون الأقلية المهيمنة ثقافيا وسياسيا، وهم يشبهون النخب المتحالفة مع الاستعمار الفرنسي والإنجليزي،  فرغم الاستقلال، لعبت هذه النخب المدينية دورا بارزا في الدول التي نشأت بعد الاستقلال، ولم يمكن للدولة الوليدة أن تستـأصل هذه العنصر والجدير بالذكر أنها تهمين على الاقتصاد كذلك ونحن نعرف أن الاقتصاد عصب السياسة. ثم هنالك الطرف الثاني وهم الأكراد المسيطرون على الشمال والشرق وهي مجموعة عرقية متجانسة ثقافيا وسياسيا، وتمثل قوة حقيقية في سوريا رغم تنكيل نظام البعث العرقي القومي بها، وكل السوريين يدركون الاضطهاد الثقافي والسياسي الذي تعرض له الأكراد. فاللغة والثقافة الكردية غير معترف بها في الجمهورية العروبية الاشتراكية البائدة. والكل يعلم أن كل كردي سوري، يحمل اسمين، اسم رسمي موجود في سجلات البعث، واسم كردي، ينادي به الكردي في بيته. وهذا مظهر بسيط من مظاهر التمييز العرقي ضد الأكراد، وعلى الدولة السوربة الوليدة، أن يحس فيها الكردي بأنه مواطن، وهناك الأقليات الدينية الأحرى، كالدروز والسريان والمسيحيين المارونيين، الذين لم يخضعوا كانت أوضاعهم أفضل في ظل النظام البعثي، وعليهم اليوم ألا يتم اضطهادهم من طرف دولة سنية أرثوذكسية كما تحمل لوائها هيئة تحرير الشام لذلك لا بد من اتفاق سياسي. وبعدها يأتي التمرين الدستوري، الذي سيضع دستورا علمانيا مدنيا يحتفظ على فسيفساء العرقيات والأديان في سوريا باعتبارها أقدم حضارات العالم. وهناك فرصة أن يكون هذا الدستور نموذجيا، وأن تكون سوريا نموذجا لتدبير التوع الديني والثقافي في الشرق الأوسط. أما غير وذلك، ستأتي أوقات يعود فيها الحنين إلى النظام البعثي. وهو ما لا يتمناه أي مواطن حر متفائل.


lundi 5 juin 2023

العودة إلى الطبيعة

 

كلما تقدمنا في الحياة، كلما فهمنا أن السعادة تكمن في التخلي وليس في التملك. لكن حياة الشباب اليوم أصبحت أكثر تعقدا، الكثير من البشر اليوم أصبحوا يعيشون في المدن الكبرى. ويعيشون حياة يسمونها ب " المتحضرة" لا أدري أين هي هذه الحضارة ؟ هل العيش قرب القمامة وفي الأحياء المكدسة هي الحضارة. هل كثرة وسائل النقل وتعقد الحياة المعاصرة هي الحضارة. لا أدري من الذي اخترع هذا المصطلح للحديث عن الحالة المثلى التي علينا السعي إليها؟ ما يزيد الطين بلة هو أن هذه الحياة الحضرية وفي الحياة القروية كذلك، الأمر سيان، هو أن التطور التقني في كل المجالات خاصة في مجال الإعلام الاجتماعي. جعل حياة الناس معروضة بالليل والنهار. يتقاسمونها بكل فخر أمام الملأ ويتباهون بذلك. لذلك أصبحت حياة " غير المحضوضين" أكثر صعوبة، خاصة الفئات الشابة، التي أصبحت ترى حياة فئة تسلقت سلم الشهرة والثروة، وتستغل الوسائل التقنية لنشر حياتها " الباذخة". وهو الأمر الذي يعقد الحياة الاجتماعية ويرفع من حدة المنافسة. هذا لا يعني أنني أرسم صورة قاتمة عن الحياة المعاصرة. فقط مجرد تشخيص سوسيولوجي لواقع القرن الحادي والعشرين. إن تقدم المجتمع الإنساني أمر مهم وقد عاد على البشر بنعم عظيمة لا تعد ولا تحصى. لكن كما قال روسو خلال القرن 18 لا يجب المغالاة في حياة تفصلنا عن الفطرة الطبيعية التي فـُطرنا عليها. العودة للطبيعة هو ترياق القلق الناتج عن تطور إيقاع الحياة المعاصرة، وكثرة الرغبة في التملك كما سماها إريك فروم. التخلي هو السبيل للسعادة الحقيقة وليس التملك. ولا نعني بالتخلي أن نعيش حياة زاهدة وخالية من كل طموح. لكنها حياة فطرة وكرامة وليس حياة صناعة وجشع.


الاحتفاء بمحمد برادة في ثاني أيام المعرض الدولي للنشر والكتاب 2023 بالرباط

 


 الرباط رشيد إيهُوم 

 أصدرت دار لافناك الأعمال الروائية الكاملة لمحمد برادة في سبع أجزاء. وقد تم تقديم هذه المجموعة في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب المقام بالرباط دورة 2023. وقد شهد اللقاء إلقاء مداخلات في حق التجربة الإبداعية لمحمد برادة وهو واحد من رموز جيل كتاب ما بعد الاستقلال. وركزت مداخلة رشيد بنحدو في قراءة نقدية لهذه الأعمال الروائية، ركزت أساسا على مصادر التجربة الإبداعية للكاتب. ولعبت الأم دورا محوريا – حسب بنحدو- في روايات برادة. كما عرجت مداخلة بنحدو على تجربة تلقي أعمال برادة من طرف القراء وهي القراءة التي تتركز في نظره على مفهومين رئيسيين هما مفهوم " الإيروس" الذي يشمل الجانب الجنساني في أعمال الكاتب خاصة في روايته "الضوء الهارب" و " لعبة النسيان".  خاصة مع مايضفيه الجنس من "متعة حسية وجمالية في الإنسان" على حد قوله. كما تتركز على مفهوم " اللوغوس". وهو العمل على ""مواجهة قوى التحيز والنكوض عبر الرواية". بعد ذلك تدخل المحتفى به، للحديث عن تجربته الشخصية، باعتبار الكتابة في نظره ترجع أساسا إلى مرحلة الطفولة، حيت كانت والدته تطلب منه كتابة الرسائل إلى خاله في فاس وهو ما كان يترك في نفسه الشعور بالفخر، وهو نفس الشعور الذي كان لديه في تجارب المدرسة. والكتابة كذلك هي هروب من " القمع " السياسي، خاصة روايته الأهم "لعبة النسيان" التي استمرت كتابتها سبع سنين كاملة. كما استلهم الكاتب من " تجربته الحياتية" " التي ترسم معالم تجربة كل كاتب" على حد قوله. لذلك يعترف برادة أنه يكتب وهو " دائما محفوف بالقلق والتيقظ." أما بالنسبة للأماكن التي شكلت مصدر إلهام فبالإضافة إلى فاس مرتع الطفولة. هناك الرباط حيث درس الثانوية. ثم القاهرة التي انتقل إليها فيما بعد. ثم في الأخير أكد أن "إدراك شساعة الحياة" - حينما اكتمل وعيه- شكل البداية الحقيقية لأعماله كلها. هذه الأعمال التي شكلت في حد قوله: "إعادة إنتاج للواقع وليس مجرد استنساخه." كما لا ننسى أنه أشار إلى تأثير النصوص العالمية والعربية في أعماله. تلت المحاضرة مداخلات أشادت بالكاتب وفي الختام سلم له درع المعرض من طرف وزارة الثقافة.


mardi 28 juin 2022

مقتل إيمان ونيرة : الأسباب وراء العنف ضد النساء في العالم الإسلامي

 


العنف ضد النساء هو قضية كونية، لا ترتبط بمنطقة دون غيرها، وقد أصبحت من القضايا الكبرى في عالمنا المعاصر، وكما قال ماركس " فالإنسانية لا تطرح إلا الأسئلة التي يجب أن تجيب عنها."، مسألة المرأة مسألة على الإنسانية الإجابة عنها لذلك لا بأس إن ارتفعت الأصوات بين مؤيد ومعارض لحقوق النساء. لكن دعونا نتحدث عن النساء في العالم الإسلامي، لأن قضيتهن مركبة بشكل كبير تتفاعل فيها العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وفي نظرنا أن العوامل الأخيرة هي السبب الأعمق لكمية الكراهية تجاه النساء، وذلك لأن أسس كل ثقافة هي أخلاقها وقيمتها، وهذه المنطقة من العالم تدين بالإسلام، ودعونا نفتح المراجع الكبرى في الإسلام من قرآن وسنة واجتهادات فقهية، سنجد تراكما عظيما من النصوص التي تؤكد كلها أفضلية الرجال على النساء بدءا بالقرآن وصولا لفتاوى الفقهاء. رغم أن القرآن في كثير من آياته جاء لتحرير النساء من الحجر والظلم، لكن الفقهاء الذين يمثلون السلطة المعرفية والرمزية، التي نصبت نفسها حارسة معبد الدين والكهنوت، ترفض رفضا قاطعا فتح هذا النقاش، وما كمية الصراخ التي يصدرونها كلما حاولت امرأة ما أن تتحدث إلا دليل على ضيق الأفق وعدم القدرة على النقاش بهدوء لأن العاطفة والأهواء الدينية في تلك اللحظة تطفآن نور العقل وعدم النظر في المسائل بميزان المنطق لأن بدونه لا يمكن الخروج برأي موضوعي حول هذه القضية. أكتب حول هذه القضية لأنه في بحر هذا الأسبوع جريمتان بشعتان هزتا الرأي العام في منطقة الشرق الاوسط، الأولى وقعت في جامعة المنصورة في مصر لما حز شاب عنق فتاة بعد أن وجه إليها الكثير من الطعنات. قبل أن ينقض عليه المارة ولولاهم لما سلخ الجلد عن اللحم. الجريمة الأخرى البشعة وقعت في الأردن لما دخل ملثم حرم الجامعة وأفرغ مسدسه في جسد فتاة وأطلق ساقيه للريح. نموذجان خلقا الكثير من الجدل حول الأسباب والدوافع. لفهم الظاهرة لا بد من استحضار ما ذكرناه سابقا، فالصور الذهنية والتمثلات التي من خلالها يشتغل العقل الجمعي في العالم العربي مليئة بالصور السلبية المشيطنة للمرأة بدءا من القصة الإبراهيمية حول حواء وصولا الى التأويلات الفقهية المعاصرة. كم كبير من الكراهية للمرأة وجسدها، وصوتها، وحريتها وحقوقها. هذه الصور هي التي تغذي المخيال الفردي الذي يحكم سلوك الفرد. وهؤلاء القتلة الذين قاموا بهذه الجرائم البشعة بكل فضاضة وكراهية كانوا مدفوعين بدوافع شخصية بطبيعة الحال ولكن السند الرمزي والثقافي لهذا العنف مازال الفقهاء يدافعون عنه بشكل كبير، وكل دعوة لفتح النقاش حول هذه القضية تواجه بالتخوين والشيطنة والعمالة للغرب الكافر !

mercredi 15 juin 2022

جروح الروح

 

Prometheus Pund: by peter Paul Rubens 1618.Philadaphia Museum of Art.

دوستويفسكي الأديب العظيم يقول: إنّ العقل هو الذي كان يقودني ؛ وذلك بعينه هو ما ضيّعني...هذا ما أقصده هنا بجروح، وهذه الجروح تكون غائرة وأليمة، لا تنفع معها المسكنات، فلو جرح البدن لكان الأمر هينا، يضمد بالدواء او ببتر إن استفحل الداء وتنتهي المشكلة،أما لو جرحت المشاعر قد يداويها العقل ويعيدها إلى جادة الصواب ولو أن جراح المشاعر تأتي في المرتبة الثانية بعد البدن. أن تُجرح الروح فتلك أم الجراح جميعا. والروح هنا بمعنى العقل نفسه فحينما تُجرح الروح ليس لها من دواء لا تنفع الضمادات ولا البوح. كل شيء يصبح بلون الغرق كما يقول سيوران وهو من جراحي الروح البشرية الكبار. كل الأدباء الكبار شرحوا بمهارة هذه الجراح. الإنسانية العظيمة. أساطير هوميروس وجروح أبطال تراجيديات سوفوكل وفرجيل، فاوست غوته وغيرها من الشخصيات التي تعاني من هذا الألم العظيم. في الفلسفات الهندية باعتبارها أنساقا مفتوحة على الطبيعة، حققت شيئا من العزاء الذي تحتاجه كل روح عظيمة. مجروحة، الأديان التوحيدية أنساق مغلقة رغم أنها مفتوحة على المطلق، لكن عزاءاتها في نظري غير عظيمة. لذلك أجد في الفلسفات الطبيعية نوعا من العزاء لأنها تفتح الأرواح المعذبة على مستوى المطلق الطبيعي. فيحدث نوع من التوحد مع المجموع الكوني، نوع من الشعور الاوقيانوسي بتعبير فرويد، وهو تعطش الروح البشرية للمطلق. ولكن في البحث عن هذا المطلق تقع الجروح الغائرة، ولسنا هنا نتحدث عن حقائق ميتافزيقية خالصة، حتى الأرواح قد تجرح في رحلة بحثها عن حب عظيم أو معرفة عظيمة أو مجد عظيم. كذلك ممكن الحدوث. لكن ما يجعل هذه الأرواح المعذبة تستحق الإجلال هو صدقها في بحثها عن خلاصها الذاتي بعيدا عن الخلاص الجمعي المشترك، فلو نجحت فقد فازت بكل شيء ولو فشلت فتستحق الاجلال لأنها حاولت على الأقل، وكل محاولة صادقة ولو فشلت أعظم من كل كمال مجرد.

mardi 7 juin 2022

جبروت العقل الجمعي

 


الكثير من المحللين يربطون مركز الثقل في أي مجتمع إلى النظام السياسي الحاكم، ويربطون بين التغيير نحو الديموقراطية، بإسقاط أو الضغط على هذا النظام وبالتالي تحسم مسألة الانتقال الديموقراطي بطريقة آنية ومباشرة. ما أقبح هذا التحليل السطحي والمبتذل.

لأن الناظر بمزيد من العمق للمشكلة ، سيجد أن السلطة الحقيقية ليست بيد الساهرين على النظام، نعترف بأن لهم سلطة بطبيعة الحال، وهي سلطة سياسية وإدارية بالدرجة الأولى، لكن السلطة الحقيقية هي في مكان آخر هو أقرب إليك من حبل الوريد، السلطة أنت وأنا ونحن من يمارسها ويرسخها، تترسخ هذه السلطة كمخيال جمعي عظيم يلقي بثقله على كامل الجسم السياسي والاجتماعي لأي مجتمع، وهو التحليل الذي اشتغلت عليه فلسفة ما بعد الحداثة بشكل كبير، حيث أولت الجوانب الثقافية التي همشتها السرديات الكبرى كالماركسية وغيرها الكثير من الأهمية، ليتبين مع مشيل فوكو مثلا أن السلطة كميكرو فيزياء لا تنفصل عن السلطة كماكر وفيزياء، فما يمارسه المخيال الجمعي على الفرد، أكبر بكثير مما تمارسه الحكومة. ولنا في المجتمعات الإسلامية خير مثال، فحالة التخلف البنيوي التي تعاني منها الدول التي تنتمي إلى هذه المنظومة تكاد تتشابه في الكثير من الحالات حد التطابق أحيانا، ولم تنجح الانقلابات وتغيير أنظمة الحكم في قلب الوضعية وتأسيس مجتمعات مستقرة وديموقراطية، والسبب هو البنى الذهنية والثقافية الراسخة لدى هذه المجتمعات، فلم تعد الشعوب هي الدافع للانعتاق والتحرر، بل هي المعيق الفعلي، ولا يمكن تحميل الأنظمة السياسية لوحدها وزر التخلف والاستبداد، بل الضمير الجمعي لطبقات واسعة من هذه المجتمعات هي الحجرة الكأداء أمام التطور، لكن  مثل هذا التحليل لن يرضي محبي الديماغوجية، لذلك تجد أن الكثير من النخب تعرف هذه الحقيقة، لكن تظل هذه الحقائق نقاش الصالونات المغلقة، وتتهامس النخب بها فيما بينها، لأن الجهر بها قد يضر بمصلحة هذه النخب، التي لا تستطيع مواجهة الجمهور بالحقيقة.

أي مخرج للحرب في غزة

  يقول اسبينوزا: "لا شيء يدعو للبكاء، لا شيء يدعو للضحك، كل شيء يدعو للفهم." بدأت الحكاية منذ البداية، من خلال استعمار كامل لما ...