mercredi 15 juin 2022

جروح الروح

 

Prometheus Pund: by peter Paul Rubens 1618.Philadaphia Museum of Art.

دوستويفسكي الأديب العظيم يقول: إنّ العقل هو الذي كان يقودني ؛ وذلك بعينه هو ما ضيّعني...هذا ما أقصده هنا بجروح، وهذه الجروح تكون غائرة وأليمة، لا تنفع معها المسكنات، فلو جرح البدن لكان الأمر هينا، يضمد بالدواء او ببتر إن استفحل الداء وتنتهي المشكلة،أما لو جرحت المشاعر قد يداويها العقل ويعيدها إلى جادة الصواب ولو أن جراح المشاعر تأتي في المرتبة الثانية بعد البدن. أن تُجرح الروح فتلك أم الجراح جميعا. والروح هنا بمعنى العقل نفسه فحينما تُجرح الروح ليس لها من دواء لا تنفع الضمادات ولا البوح. كل شيء يصبح بلون الغرق كما يقول سيوران وهو من جراحي الروح البشرية الكبار. كل الأدباء الكبار شرحوا بمهارة هذه الجراح. الإنسانية العظيمة. أساطير هوميروس وجروح أبطال تراجيديات سوفوكل وفرجيل، فاوست غوته وغيرها من الشخصيات التي تعاني من هذا الألم العظيم. في الفلسفات الهندية باعتبارها أنساقا مفتوحة على الطبيعة، حققت شيئا من العزاء الذي تحتاجه كل روح عظيمة. مجروحة، الأديان التوحيدية أنساق مغلقة رغم أنها مفتوحة على المطلق، لكن عزاءاتها في نظري غير عظيمة. لذلك أجد في الفلسفات الطبيعية نوعا من العزاء لأنها تفتح الأرواح المعذبة على مستوى المطلق الطبيعي. فيحدث نوع من التوحد مع المجموع الكوني، نوع من الشعور الاوقيانوسي بتعبير فرويد، وهو تعطش الروح البشرية للمطلق. ولكن في البحث عن هذا المطلق تقع الجروح الغائرة، ولسنا هنا نتحدث عن حقائق ميتافزيقية خالصة، حتى الأرواح قد تجرح في رحلة بحثها عن حب عظيم أو معرفة عظيمة أو مجد عظيم. كذلك ممكن الحدوث. لكن ما يجعل هذه الأرواح المعذبة تستحق الإجلال هو صدقها في بحثها عن خلاصها الذاتي بعيدا عن الخلاص الجمعي المشترك، فلو نجحت فقد فازت بكل شيء ولو فشلت فتستحق الاجلال لأنها حاولت على الأقل، وكل محاولة صادقة ولو فشلت أعظم من كل كمال مجرد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...