mardi 28 juin 2022

مقتل إيمان ونيرة : الأسباب وراء العنف ضد النساء في العالم الإسلامي

 


العنف ضد النساء هو قضية كونية، لا ترتبط بمنطقة دون غيرها، وقد أصبحت من القضايا الكبرى في عالمنا المعاصر، وكما قال ماركس " فالإنسانية لا تطرح إلا الأسئلة التي يجب أن تجيب عنها."، مسألة المرأة مسألة على الإنسانية الإجابة عنها لذلك لا بأس إن ارتفعت الأصوات بين مؤيد ومعارض لحقوق النساء. لكن دعونا نتحدث عن النساء في العالم الإسلامي، لأن قضيتهن مركبة بشكل كبير تتفاعل فيها العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وفي نظرنا أن العوامل الأخيرة هي السبب الأعمق لكمية الكراهية تجاه النساء، وذلك لأن أسس كل ثقافة هي أخلاقها وقيمتها، وهذه المنطقة من العالم تدين بالإسلام، ودعونا نفتح المراجع الكبرى في الإسلام من قرآن وسنة واجتهادات فقهية، سنجد تراكما عظيما من النصوص التي تؤكد كلها أفضلية الرجال على النساء بدءا بالقرآن وصولا لفتاوى الفقهاء. رغم أن القرآن في كثير من آياته جاء لتحرير النساء من الحجر والظلم، لكن الفقهاء الذين يمثلون السلطة المعرفية والرمزية، التي نصبت نفسها حارسة معبد الدين والكهنوت، ترفض رفضا قاطعا فتح هذا النقاش، وما كمية الصراخ التي يصدرونها كلما حاولت امرأة ما أن تتحدث إلا دليل على ضيق الأفق وعدم القدرة على النقاش بهدوء لأن العاطفة والأهواء الدينية في تلك اللحظة تطفآن نور العقل وعدم النظر في المسائل بميزان المنطق لأن بدونه لا يمكن الخروج برأي موضوعي حول هذه القضية. أكتب حول هذه القضية لأنه في بحر هذا الأسبوع جريمتان بشعتان هزتا الرأي العام في منطقة الشرق الاوسط، الأولى وقعت في جامعة المنصورة في مصر لما حز شاب عنق فتاة بعد أن وجه إليها الكثير من الطعنات. قبل أن ينقض عليه المارة ولولاهم لما سلخ الجلد عن اللحم. الجريمة الأخرى البشعة وقعت في الأردن لما دخل ملثم حرم الجامعة وأفرغ مسدسه في جسد فتاة وأطلق ساقيه للريح. نموذجان خلقا الكثير من الجدل حول الأسباب والدوافع. لفهم الظاهرة لا بد من استحضار ما ذكرناه سابقا، فالصور الذهنية والتمثلات التي من خلالها يشتغل العقل الجمعي في العالم العربي مليئة بالصور السلبية المشيطنة للمرأة بدءا من القصة الإبراهيمية حول حواء وصولا الى التأويلات الفقهية المعاصرة. كم كبير من الكراهية للمرأة وجسدها، وصوتها، وحريتها وحقوقها. هذه الصور هي التي تغذي المخيال الفردي الذي يحكم سلوك الفرد. وهؤلاء القتلة الذين قاموا بهذه الجرائم البشعة بكل فضاضة وكراهية كانوا مدفوعين بدوافع شخصية بطبيعة الحال ولكن السند الرمزي والثقافي لهذا العنف مازال الفقهاء يدافعون عنه بشكل كبير، وكل دعوة لفتح النقاش حول هذه القضية تواجه بالتخوين والشيطنة والعمالة للغرب الكافر !

mercredi 15 juin 2022

جروح الروح

 

Prometheus Pund: by peter Paul Rubens 1618.Philadaphia Museum of Art.

دوستويفسكي الأديب العظيم يقول: إنّ العقل هو الذي كان يقودني ؛ وذلك بعينه هو ما ضيّعني...هذا ما أقصده هنا بجروح، وهذه الجروح تكون غائرة وأليمة، لا تنفع معها المسكنات، فلو جرح البدن لكان الأمر هينا، يضمد بالدواء او ببتر إن استفحل الداء وتنتهي المشكلة،أما لو جرحت المشاعر قد يداويها العقل ويعيدها إلى جادة الصواب ولو أن جراح المشاعر تأتي في المرتبة الثانية بعد البدن. أن تُجرح الروح فتلك أم الجراح جميعا. والروح هنا بمعنى العقل نفسه فحينما تُجرح الروح ليس لها من دواء لا تنفع الضمادات ولا البوح. كل شيء يصبح بلون الغرق كما يقول سيوران وهو من جراحي الروح البشرية الكبار. كل الأدباء الكبار شرحوا بمهارة هذه الجراح. الإنسانية العظيمة. أساطير هوميروس وجروح أبطال تراجيديات سوفوكل وفرجيل، فاوست غوته وغيرها من الشخصيات التي تعاني من هذا الألم العظيم. في الفلسفات الهندية باعتبارها أنساقا مفتوحة على الطبيعة، حققت شيئا من العزاء الذي تحتاجه كل روح عظيمة. مجروحة، الأديان التوحيدية أنساق مغلقة رغم أنها مفتوحة على المطلق، لكن عزاءاتها في نظري غير عظيمة. لذلك أجد في الفلسفات الطبيعية نوعا من العزاء لأنها تفتح الأرواح المعذبة على مستوى المطلق الطبيعي. فيحدث نوع من التوحد مع المجموع الكوني، نوع من الشعور الاوقيانوسي بتعبير فرويد، وهو تعطش الروح البشرية للمطلق. ولكن في البحث عن هذا المطلق تقع الجروح الغائرة، ولسنا هنا نتحدث عن حقائق ميتافزيقية خالصة، حتى الأرواح قد تجرح في رحلة بحثها عن حب عظيم أو معرفة عظيمة أو مجد عظيم. كذلك ممكن الحدوث. لكن ما يجعل هذه الأرواح المعذبة تستحق الإجلال هو صدقها في بحثها عن خلاصها الذاتي بعيدا عن الخلاص الجمعي المشترك، فلو نجحت فقد فازت بكل شيء ولو فشلت فتستحق الاجلال لأنها حاولت على الأقل، وكل محاولة صادقة ولو فشلت أعظم من كل كمال مجرد.

mardi 7 juin 2022

جبروت العقل الجمعي

 


الكثير من المحللين يربطون مركز الثقل في أي مجتمع إلى النظام السياسي الحاكم، ويربطون بين التغيير نحو الديموقراطية، بإسقاط أو الضغط على هذا النظام وبالتالي تحسم مسألة الانتقال الديموقراطي بطريقة آنية ومباشرة. ما أقبح هذا التحليل السطحي والمبتذل.

لأن الناظر بمزيد من العمق للمشكلة ، سيجد أن السلطة الحقيقية ليست بيد الساهرين على النظام، نعترف بأن لهم سلطة بطبيعة الحال، وهي سلطة سياسية وإدارية بالدرجة الأولى، لكن السلطة الحقيقية هي في مكان آخر هو أقرب إليك من حبل الوريد، السلطة أنت وأنا ونحن من يمارسها ويرسخها، تترسخ هذه السلطة كمخيال جمعي عظيم يلقي بثقله على كامل الجسم السياسي والاجتماعي لأي مجتمع، وهو التحليل الذي اشتغلت عليه فلسفة ما بعد الحداثة بشكل كبير، حيث أولت الجوانب الثقافية التي همشتها السرديات الكبرى كالماركسية وغيرها الكثير من الأهمية، ليتبين مع مشيل فوكو مثلا أن السلطة كميكرو فيزياء لا تنفصل عن السلطة كماكر وفيزياء، فما يمارسه المخيال الجمعي على الفرد، أكبر بكثير مما تمارسه الحكومة. ولنا في المجتمعات الإسلامية خير مثال، فحالة التخلف البنيوي التي تعاني منها الدول التي تنتمي إلى هذه المنظومة تكاد تتشابه في الكثير من الحالات حد التطابق أحيانا، ولم تنجح الانقلابات وتغيير أنظمة الحكم في قلب الوضعية وتأسيس مجتمعات مستقرة وديموقراطية، والسبب هو البنى الذهنية والثقافية الراسخة لدى هذه المجتمعات، فلم تعد الشعوب هي الدافع للانعتاق والتحرر، بل هي المعيق الفعلي، ولا يمكن تحميل الأنظمة السياسية لوحدها وزر التخلف والاستبداد، بل الضمير الجمعي لطبقات واسعة من هذه المجتمعات هي الحجرة الكأداء أمام التطور، لكن  مثل هذا التحليل لن يرضي محبي الديماغوجية، لذلك تجد أن الكثير من النخب تعرف هذه الحقيقة، لكن تظل هذه الحقائق نقاش الصالونات المغلقة، وتتهامس النخب بها فيما بينها، لأن الجهر بها قد يضر بمصلحة هذه النخب، التي لا تستطيع مواجهة الجمهور بالحقيقة.

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...