samedi 3 octobre 2020

كيف نطهر الإسلام من الإرهاب؟

 



أمام السيرورة التاريخية الجارية أمامنا، باعتبارنا مسلمين ثقافيا وحضاريا. لابد من التفكير في الطريقة التي يمكن بها للإسلام أن يتخلص من الإرهاب الذي يتم اتهامه به كلما وقع تفجير او قتل أو عملية إرهابية. الجواب واضح ومباشر ولا يحتاج تشقيق الكلام ولا لف ولا دوران كما تزعم التيارات الفكرية والإيديولوجية، سواء تلك التي تعتبر الإسلام – رغم أن هذه المشاريع متضاربة ومتناقضة ومتعددة إلى حد الملل- تعتبره السبيل للنهوض. أو تلك التي تعتبره- وهي بدورها متعددة وكثيرة ومتضاربة- أصل الداء والعائق أمام كل تقدم. وبعيدا عن هذه الثنائية المزمنة أو هذه التطرفات كما يسميها إريك هوبزباوم. فإن هناك طريقا ثالثا، أفقا واقعيا باعتبار الواقع المرجع الذي يحدد كل شيء إذ لا يمكن القفز عليه ولا تجاوزه ولا وضعه جانبا فهو مختبر التاريخ والسياسة والاقتصاد، أو بكلمة واحدة هي المصلحة. إذن نعيد طرح السؤال: أين تكمن مصلحة الإسلام إن أراد أن يستمر ويساهم في النهضة الحضارية العالمية؟ الجواب واضح وضوح الشمس، هو أن يساير منطق التاريخ، وقانون المصلحة. لذلك لابد على المسلمين اليوم، وحينما أقول المسلمين، لا أقصد بهم فقط أصحاب اللحى المتدينين أو الإسلاميين سواء اخوانا أو سلفيين أو شيعة. ولكن أقصد بهم كل من ينتمي إلى هذه الحضارة ثقافيا، فحتى لو كان المرء ملحدا، وغير مؤمن بعقائد الاسلام فهو مسلم بالمعنى الثقافي للفظ. لابد عليهم التخلص من مجموعة من الأمراض التي تسكن الحضارة الإسلامية وأهم هذه الأمراض هي:

أولا النزعة المثالية: الكثير من حاملي المشاريع «الإسلامية» يعتبرون أن كمال التاريخ ونهايته، هو بتأسيس دولة كونية يسودها الإسلام. رغم أنني كما قلت، تصور هؤلاء لهذه الدولة مختلف من تيار إلى آخر ومن مذهب إلى آخر ومن مدرسة إلى أخرى ومن حزب إلى آخر. يصل هذا الاختلاف حد التناقض والدليل هو الصراعات المسلحة التي تنشأ بين الفصائل الجهادية مثلا في بؤر التوتر في الشرق الأوسط. إذن الاعتقاد أنه بتأسيس دولة إسلامية تطبق فيها شريعة السماء ستشكل نهاية وكمال التاريخ الكوني هو مجرد طوبى ومثالية، تنفي الواقع نفيا وتذهب في عالم الخيال والاستيهامات والأحلام.

ثانيا النزعة العالمية: وهي مرتبطة بالنزعة الأولى، وهي الاعتقاد بأن الإسلام دين كوني يجب أن يشمل العالم كله، وأن نحكم بشرع الله، وتعتبر الرسول هو أفضل الخلق وبالتالي تدخل البشرية جمعاء تحت أجنحة الاسلام، أي القضاء على كل الثقافات والعقائد وتأسيس دولة الله الكونية.

ثالثا النزعة الإرهابية: هذه النزعة مرتبطة بدورها بما سبقها، فالنزغة المثالية تجعل المؤمن يشتغل بعواطفه وخياله الجامح، ويسعى إلى تطبيق التصور – الخاطئ من الأساس- على أرض الواقع. ويكون في تلك الحالة في حالة هيجان وحماس يغيب معه العقل والواقعية، وهو ما يجعل الجهاديين مثلا – الذين يعتبرون بالمناسبة أصدق تعبير عن روح الاسلام ورسالته لأنهم يطبقون مقولاته بالحرف فهم جنود الله المجندة – يجعلهم يرتكبون الفظاعات من قتل وجز للرؤوس وتفجير واستباحة للأرواح، في سعيهم لتطبيق طوبا ويتهم على الأرض. كما أن هذه النزعة مرتبطة كذلك ب " النزعة الكونية " لرسالة الإسلام. أي الرغبة في دك حصون الحضارة الإنسانية وتأسيس حضارة كونية واحدة. ولا أدل على ذلك مثلا إعلان أسامة بن لادن عن الجهاد العالمي. وقصفه لأهم عواصم العالم لتطبيق رؤيته المثالية للعالم. قد يعترض البعض أن القوى العظمى هي التي صنعت ذلك، وهو اعتراض وجيه، ولا ننفي تلك الفرضية، بل هي من صميم كل صراع سياسي. ولكن نجيب أصحاب هذا الاعتراض أنه إن كانت القوى العظمى هندست ذلك فإن المادة الأولية التي وظفتها سيكون من الحمق والعته أن ننسبها ل " الأمريكان ". قد تكون الاستخبارات الأمريكية خططت لذلك، لكنها قطعا لم تصنع الأحاديث ولا الآيات الداعية إلى القتل والجهاد ولم تجند ابن تيمية ولا ابن حنبل ليكتبوا ما كتبوه. زيادة على ذلك قد نتفق على أن القوى العظمى اليوم توظف الأوراق الرابحة – التي تصب في مصلحتها- لكن حروب الردة وصراع الخلفاء على السلطة وانقسام المسلمين إلى شيعة وسنة وخوارج، وجهاد المسلمين خارج الجزيرة العربية وأنهار الدم التي سالت في تلك الصراعات. هل نقول وفقا لهذه النظرة الوسواسية والمؤامراتية للعالم بأن أمريكا والماسونية هي من صنعتها. إن هذا الاعتراض باسم المؤامرة هو من صميم فكرتنا في هذه الورقة، وهي أن المسلمين لا يضعون الواقع أمامهم ويحسبون حسابات الربح والخسارة، بل ينطلقون دائما من حسابات الأخلاق والمثالية.

أخيرا بعد أن حللنا النزعات المزمنة في الاسلام، لابد من الإشارة إلى أنها كلها تصب في المشكلة العامة التي تكون صميم الإسلام عقيدة وشريعة وخلافة وثقافة. وهو انصهار الزمني في الإلهي وانصهار الأخلاقي في السياسي وانصهار الفردي في الجماعي وانصهار الايديولوجي في العقائدي. إن الحل اليوم هو التخلص من هذه النزعات الثلاثة ونزع الإيديولوجيا عن الإسلام. وهذا ليس معناه أننا لدينا الخيار لنختار فالواقع كما قلنا هو سيد الموقف هو المهندس العظيم، فالمسلمون منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي انتهوا كحضارة مهيمنة، وتحولوا إلى تابعين وانتهى أمرهم بشكل نهائي سنة 1924 بانتهاء الخلافة ودخلوا سردية كونية جديدة هي الحداثة والآن هم في سردية أخرى جديدة هي العولمة والحضارة الرقمية، فما دور التراث القديم في مسايرة هذا الجبروت الكوني. لاحظ لهم يا للأسف، إن لم يفهموا ما يجري أمامهم ويندمجوا في العصر للأسف إنهم في حاجة إلى ما قامت به أوروبا خلال القرن الخامس عشر. وهو إصلاح ديني وثورة فكرية تدك النظرة القديمة والعتيقة للعالم. والانخراط – رغم أننا بقوة الواقع منخرطون- لكن لابد أن نكف كما يقول المفكر المغربي عبد الله العروي «عن الرقص المسعور على الذات المفقودة فالرقص لن يحييها من رمادها".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...