jeudi 15 octobre 2020

بين مفكر و مكفرين

 


أعضاء التيار السلفي الظلامي، الذي كانت له المسؤولية الفكرية والمعنوية في الأحداث الإرهابية بالمغرب. تفاوض مع السلطة على أساس، إطلاق سراحهم مقابل قيامهم بمراجعات فكرية. الأستاذ عبد الوهاب رفيقي هو الوحيد الذي التزم بالاتفاق فقام بمراجعة شجاعة وملحوظة لأفكاره بل توصل إلى «سلفية مغربية» تنبذ العنف والتطرف، وتؤمن بالاختلاف وقيم التسامح. فيما الآخرون مازالت عقولهم مشدودة إلى منابع الوهابية المتطرفة فأخلوا بالعهد المنطق السليم في هذه الحالة يقتضي إعادة هؤلاء إلى السجن. هذا الكلام جاء في سياق الحملة المسعورة التي يتعرض لها، عبد الوهاب رفيقي، بعد إدلائه بتصريح صحفي يقول فيه بأن قوانين الإرث لم تعد خطا أحمر بل إن المسألة قابلة للاجتهاد بما يفيد تأسيس تشريعات مدنية تأخذ في اعتبارها مبدأ المساواة بين الجنسين. إلا أن هذا الكلام أثار غضب، رفاق أبو حفص، أو من يطلق عليهم» لسلفية الجهادية» وهم شيوخ الفتنة الذين كانت لهم أيدي في التفجيرات الإرهابية التي شهدها المغرب يوم 6 ماي 2003. وهم الذين حكموا على إثر ذلك بالسجن لمدد طويلة، إلا أن السلطة، تفاوضت معهم، وأطلقت سراحهم بعفو ملكي، لكن مقابل قيامهم بمراجعات فكرية. وأهم هؤلاء الشيخ حسن الكتاني، وعمر الحدوشي ومحمد الفيزازي، وهم الذين مازالوا يتعاملون بازدواجية المعايير، ويمارسون تقية مفضوحة في نظرتهم إلى النظام السياسي الحاكم. وهم الذين يطلقون فتاوى تدعوا إلى العنف والقتل، في كل مرة يتجرأ قلم مجتهد في مناقشة مسألة من المسائل التي ترتبط بالدين. فلم يسلم من سمومهم لا مفكر حر، ولا سياسي تقدمي، ولا حقوقي، ولا حتى إخوانهم في السلفية، وهو ما يؤكده الهجوم العنيف الذي تعرص له أبو حفص، إذ على إثر لقاءه التلفزيوني، أصدر هؤلاء فتواهم وأحلوا دم رفيقهم، في ظل صمت مطبق من طرف الأجهزة الأمنية، التي يجب عليها أن تتصرف في هذه الواقعة سيما في ظل السياسة التي تنهجها الدولة والتي تقضي بمحاربة كل أشكال التطرف. إن الفكر الظلامي الخبيث الذي يتبناه هؤلاء يؤكد بالملموس، أن المشروع الذي يحملونه وينادون به لا يختلف، بل هو بالأساس مشروع داعشي دموي، يقتضي قتل وتصفية كل فكر لا يوافقهم الرأي، وهو فكر منغلق لا يقبل الحوار، ولا يؤمن بالاختلاف، شعاره الماضي، ووسيلته الفتاوى والتكفير. وهو ما يستدعي من كل الفاعلين أن يتصدوا، كل من موقعه لهذا الفكر الظلامي، ولجماعات الدم هاته، التي تتصيد الفرص لتبث البلبلة والفوضى العارمة في البلاد، وهو ما تؤكده الاعتقالات المتتالية للخلايا الإرهابية في كامل التراب الوطني.

إن تكفير أبو حفص والهجوم عليه يؤكد بالملموس، عدم قدرة هؤلاء على القيام بمراجعات فكرية لما يحملونه من أفكار بل الأنكى أنهم يهاجمون كل من قام بذلك، وحاول بلورة تصور جديد، يأخذ بعين الاعتبار المعطى التاريخي، الذي يؤكد أن كل المشاريع المبنية على الفقه السياسي القروسطوي، لا يمكن لها النجاح. والدليل على ذلك أن السعودية التي تتبنى الوهابية تتخبط في مشاكل بالجملة لا تنتهي. أمام هذا الوضع أعلن تضامني المطلق مع عبد الوهاب رفيقي، وكل الأصوات الحرة والديموقراطية والحداثية، التي تؤمن بالمشروع الديموقراطي والتي تقبل الاختلاف الفكري والسياسي، لأنه مؤشر على روح التعايش التي يجب أن تسود المجتمع والعالم. وأشجب مقابل ذلك كل محاولة لإرجاع المغرب إلى قرون الظلام. فوحده المجتمع المفتوح والديموقراطي هو الأفق الذي يمكنه احتضان كل فسيفساء المجتمع المغربي، المنفتح والكوني بطابعه، وكل محاولة لنشر ثقافة الموت فيه، يستدعي منا التصدي له بكل حزم وقوة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...