الثقافة الإنسانية كما يعرفها تايلور في تعريفه
المشهور هي " الكل الجامع للقيم والمعارف والفنون واللغة والدين التي تميز
جماعة بشرية ما". أي أنها منظومة متكاملة اخترعها الانسان للخروج من تلك
الحالة الأولية التي وجد فيها والتي أطلق عليها الفلاسفة اسم " الطبيعة".
إذن الثقافة هي المكتسب والطبيعة هي الفطري في الإنسان. وفي كتابه حول أنظمة القرابة يؤكد كلود ليفي ستروس بأن الإنسان كائن يتضمن في نفس الوقت
جانبا ثقافيا وآخر طبيعيا ويمكن في نظره التمييز انطلاقا من مبدأ الكونية الذي
يميز ما هو طبيعي أي أنه مشترك بين كل الكائنات، ومبدأ الخصوصية الذي يميز عالم
الثقافة بمعنى أنه ليس هناك ثقافة بصيغة الكلي، فما يميز الثقافي هو التعدد لأنها
مرتبطة بالظروف الجغرافية والاقتصادية والتاريخية التي تبلورت فيها، فثقافة شعب
الاسكيمو في القطب الشمالي ليست هي ثقافة الهنود الحمر في غرب أمريكا. أو ثقافة
البدو في الصحراء. ومن هذه التحديد المفاهيمي الذكي الذي اقترحه ستراوس يمكن الكشف
عن ميزة أساسية تميز الكائن الانساني أي أنه حيوان كسائر الحيوانات باعتبار أن
الحيوان هو كل ما تسري فيه نفحة الحياة. ولكنه بالمقابل هو كائن شديد التعقيد،
وهذا التعقيد راجع إلى المنظومات التي تؤطره ولعل أخطرها على الإطلاق "
المنظومة الثقافية". فهو فرد ثقافي. لكن الهاجس الذي يسكن هذه الورقة ليس هو
الجانب الثقافي باعتباره ميزة الانسان لكن السؤال المزعج: هو لماذا ليست هناك
ثقافة كونية تجمع كل الإنسانية في نسق واحد. السبب ربما
أشرنا إليه أي أن الثقافات هي وليدة ظروف معينة وبالتالي فتلك الظروف هي التي تولد
الاختلافات والتباينات بين البشر فلو كانت هناك ظروف موحدة لكانت هناك ثقافة
واحدة. لكن أن يكون هناك تعدد ثقافي ليس مشكلا في حد ذاته، إلا لما يتحول هذا
التعدد إلى سبب الصراع والتنافس المميت، وذلك راجع في نظرنا إلى أن كل ثقافة هي
نظرة للعالم وتجسيد لتلك النظرة في العناصر الثقافية وما يحفظ ثقافة ما هو عنصر
أساسي هو حجر الزاوية في كل المنظومة وقد يكون هذا العنصر هو الدين كالثقافة
الإسلامية مثلا التي تتأسس على مفهوم الله السياسي والثيولوحي، أو يكون مفهوم
الإنسان كالثقافة الأوروبية الحديثة التي بنيت على أساس الفرد الحر والمبادر. وقد
يكون مفهوم "العالم الآخر" كحال الثقافة المصرية القديمة ولا أدل على
ذلك من الآثار العظيمة التي خلفها المصريون والتي تدل على هوس الفراعنة بالعالم
الآخر، أو قد تكون مبنية على الطبيعة كالثقافة الأفريقية مثلا. وغيرها من الأمثلة
كثير.
dimanche 4 octobre 2020
الشخصية الثقافية
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
التحول الديموقراطي المزمن في سوريا
منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...

-
مدخل: من الحداثة إلى ما بعد الحداثة قبل الخوض في علاقة الدراسات ما بعد الكولونيالية التي ظهرت في السياق الأمريكي وأثرت في تيارات واسعة ...
-
Introduction : La nouvelle institution marocaine de 2011 a défini dans son article 23 la famille ainsi : « La famille fondée sur le l...
-
كلما تقدمنا في الحياة، كلما فهمنا أن السعادة تكمن في التخلي وليس في التملك. لكن حياة الشباب اليوم أصبحت أكثر تعقدا، الكثير من البشر اليوم ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire