lundi 12 octobre 2020

هل منع البرقع انتهاك للحرية الفردية؟

 

أصدرت وزارة الداخلية المغربية قرارا يقضي بمنع خياطة وبيع البرقع الأفغاني، وهو القرار الذي لم يعجب التيار السلفي، الذي اتهم الداخلية بانتهاكها للحرية الفردية! كذا! فالسلفيون يكيلون بمكيالين نعرف أنهم من أشد أعداء الحريات الفردية، وهاهم اليوم يستنكرون قرار وزارة الداخلية بدعوى انتهاكه لحرية الأفراد. تناقض عجيب! فلو كان الأمر انتهاكا لكنا نحن من أشد المنددين بهذا القرار. لكن المتأمل سيجد أن منع بيع هذا اللباس لا يتنافى في شيء مع الحرية الفردية، بل بالعكس هو حماية لها، مادام أن هذا اللباس المشبوه يحجب ملامح الشخص، وبالتالي لا تعرف هوية الشخص، هل هو رجل أو امرأة، ارهابي، أم مجرم؟ والجدير بالذكر أن الكثير من المجرمين والقتلة يستغلون هذا اللباس لتنفيذ جرائمهم. خاصة ذات الطابع الإرهابي. إذن المسألة مرتبطة بسلامة المواطنين وأمنهم، في الفضاء العام المشترك وليست انتهاكا لحرية الأفراد.إن الانتهاك الحقيقي للحرية، يتجلى في ارغام المرأة على تغطية ملامحها، وكل نقطة من جسدها، وكأن جمالها وأنوثتها، شر يجب إخفاءه! وهذا حال كل السلفيين الذين يتبنون العقيدة السلفية الوهابية، المتطرفة، وهي الايديولوجيا، التي تتبناها كل الجماعات الارهابية في العالم، سواء طالبان او تنظيم القاعدة، أو داعش او جبهة النصرة.إن تغطية المرأة باللباس الأسود، دليل على عقلية متخلفة، لا تنظر إلى المرأة من ناحية فاعليتها العقلية، ومهاراتها المعرفية والإدراكية، لكن تنظر إليها فقط باعتبارها فتنة للذكور، وباعتبارها ناقصة عقل ودين. فكيف يعقل مثلا أن تجبر المرأة على ارتداء البرقع، كي لا تفتن الرجال، هل المشكل في المرأة أم في العقلية الذكورية المكبوتة السائدة؟في كثير من الأحيان، تجد سلفيا يسبح بجسمه العاري بينما زوجته تلبس البرقع أو البوركيني، كأنه لا يمثل فتنة للإناث عكس المرأة!! فبهذا المنطق، يجب على الذكر أن يستر مفاتنه لأنه يفتن المرأة. إنها سكزوفرينيا، تخترق كل الخطاب السلفي المتطرف.ورغم أن الوزارة لم تصدر بلاغا في هذا الصدد، إلا أن الدوافع التي دفعتها الى اتخاد هذا القرار ظاهرة، نظرا للتهديدات الارهابية التي تهدد أمن البلاد، وكذلك توظيف بعض المجرمين لهذا اللباس أثناء قيامهم بجرائمهم، وكذلك مخالفته للباس المغربي الأصيل.الكثير من المغاربة اعتبروا البرقع لباسا أفغانيا طارئا، لأن اللباس المغربي المعروف هو الجلابة ونقاب الوجه. والإسلام المغربي يختلف عن الايديولوجيا السلفية المتصلبة. التي تعتبر البرقع هو «اللباس الشرعي» وما دونه لباس غير شرعي، وهو نفس المنطق الذي تحكم به على كل المظاهر الأخرى، ابتداء من طبيعة النظام السياسي، الذي يعتبرونه غير شرعي، لأن النظام الشرعي في نظرهم هو الخلافة كتلك التي تمثلها داعش، والعلم الشرعي هو فقه ابن حنبل وابن تيمية، وما دونه علم غير شرعي، مثل الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا، وهكذا. إنه منطق متناقض وهو أصل المشاكل التي تعصف بالعالم العربي وتشوه صورة الاسلام في العالم، لهذا وجب الذود عن اسلام فردي متسامح، ومحاربة هذه الايديولوجيا السوداء.وإذ نثني على هذا القرار، نطالب بمزيد من الإصلاحات في اتجاه تحديث المجتمع المغربي والدفاع عن قيم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...