![]() |
الشيخ زغلول النجار المولود سنة 1933 |
هذه الأيام حضر إلى المغرب أحد وجوه ما يسمى ب"الاعجاز
العلمي في القرآن "وهو مصري الجنسية، لكن يعيش في دولة قطر، مركز الإخوان
المسلمين، لأنه محسوب عليهم، والكلام هنا حول المسمى زغلول النجار، الذي غادر مصر
لأنه في نظر الدولة المصرية " واحد من فلول الإخوان المسلمين " الذين
صنفتهم مصر، جماعة إرهابية. وقد حضر هذا الشيخ، بدعوة من فصيل طلابي محسوب على
الإخوان المسلمين بالمغرب، ليلقي محاضرة في مدينة فاس حول « الإعجاز العلمي في القرآن
»، وقد كان صاحبنا ينتظر أن يستقبله شباب الجامعة المغربية بالتهليل والتكبير والهتاف
كما آلف في أقطار أخرى خاصة في المشرق العربي، في السعودية، والكويت، وقطر، ودول الخليج
لكن يقظة الذهن المغربي حاصرت المحاضر المصري، بنزعة عقلانية ملحوظة، بعد أن تركته
السلطات يدخل البلاد ولم تمنعه كما فعلت مع الشيخ العريفي، مفتي « جهاد النكاح
»،وربما ذلك راجع إلى صفته « العلمية »التي ثبت زيفها مع أول نقاش يلي المحاضرة
التي قدمها إذ حاصره الشباب المغاربة بسيل من الأسئلة الذكية والمنطقية
والعقلانية، التي جعلت من ترهاته العلمية مجرد دجل علمي لا يمت بصلة للعلم. بل هو
مجرد إيديولوجية دينية، تلبس لبوس العلم، بعد أن فقدت كل امكاناتها وتكتيكاتها فما
يقوم به أصحاب الإعجاز العلمي هو نوع من العلوم الزائفة، التي ليس من همها، البحث
عن الحقيقة العلمية، حقيقة الطبيعة والعالم والإنسان، فهم يريدون تأكيد حقيقة هي
أصلا موجودة في الكتب المقدسة العلم عندهم أنزل في بادية الحجاز قبل 1400 سنة، وكل
العلوم الطبيعية والتجريبية، التي نزعت السحر عن العالم، ودشنت العصر الوضعي،
وفهمت نواميس الكون، باعتماد العقل الرياضي والتجارب المخبرية، مذكورة في القرآن!
فكيف لهؤلاء يا ترى أن يدعوا العلم وينسبوا أنفسهم إلى العلماء، هؤلاء دجالون لا
يعترف بهم المجتمع العلمي، لأنهم يقفون في ركن بعيد عن العلم الإنساني، إنهم أصحاب
دعوى دينية وإيديولوجية، توظف بعض الآيات من القرآن بكل انتقائية، لتؤكد تطابقها
مع الدين. وهذا من أجل التأكيد على أن الدين، وهنا الإسلام، دين لكل زمان ومكان،
وبالتالي، الخروج بخلاصة أن ما في القرآن صحيح ويجب الاحتكام إليه في السياسة. لكن
هذا الدجل العلمي ليس سوى صرخة يأس يطلقها هؤلاء ضد مخالب الحداثة الكونية الشاملة
التي لا تبقي ولاتدر،إنهم يريدون أن يؤجلوا مرارة الوعي لدى المسلمين بتخلفهم
الحضاري الشامل، وليعرقلوا مسيرة التحديث وعقلنة المجتمع، وتسييد الإنسان على
العالم. إن معركتهم خاسرة بالأساس. زغلول النجار لم يناقشه الشباب المغاربة من
منطلق ايديولوجيته السياسية المفضوحة، وهي ايديولوجية سيد قطب والاخوان المسلمين،
وهي جماعة ارهابية لا تختلف في شيء عن داعش، بل ناقشوه من وجهة نظر علمي فأحرجوه
بأسئلة من صميم الاشتغال العلمي العقلاني، لكن حتى قبل أن يطرح بعض الشباب أسئلتهم
نهرهم، ورفض حتى الاستماع إليهم، لأنه يعرف أنهم سيحرجونه بأسئلتهم، فمتى كانت هذه
السلوكات من أخلاق العلم والعلماء، لماذا لم يستمع زغلول إلى السؤال فيجيب! لأنه
يعلم في قرارة نفسه أنه صاحب دعوة دينية وليس عالما. فلماذا إخوان المغرب استدعوه
هو بالذات، لأنه أخ من إخوانهم، يدافع عن أيديولوجيتهم بتوظيف العلم. وما يسمى
بالإعجاز العلمي في القرآن ليس إلا مجرد لغو فارغ، فإن طبقنا عليه معايير العلمية،
فإن تهافته يظهر منذ أول اختبار، فأين هو معيار الخطأ. والقضية التي يثيرها هذا
الخطاب هو رغبة حامليه في تأكيد الخطاب الديني المتميز بإطلاقيته، بمقولات الخطاب
العلمي المتميز بالنسبية، والتجاوز و القطائع الإبستمولوجية والخطأ. فكيف يا ترى
نؤكد ما هو مطلق بما هو نسبي، كيف نثبت الكلام الإلهي، بالكلام البشري، وهذا خطأ
من داخل الفقه الديني نفسه، كما أن المنطق العلمي لا يؤمن بالثبات، فمثلا النظرية
التي تثبت صحتها اليوم ستخطأ غدا، بل أكثر من ذلك كما يقول الإبستمولوجي
الإنجليزي، كارل بوبر، « كل نظرية علمية لا تثبت خطأها لا تنتمي إلى مجال العلم
أصلا ».إن أصحاب هذا الدجل ينسفون الدين دون علمهم، فكيف سنتعامل مثلا: في لحظة
يؤكدون فيها مطابقة نظرية علمية لآية قرآنية اليوم، وغدا حينما تفند تلك النظرية
وتتجاوز، هل سيرجع زغلول للبحث من جديد عن آية تؤكد ذلك التجاوز، أم يؤكد خطأ
الآية! لماذا لا يترك هؤلاء العلم، ويلعبوا بعيدا إن أرادوا ممارسة إيديولوجيتهم؟ هذه
بعض الأسئلة التي حاصرت بها زغلول النجار جوابا على تدوينة له في الفيسبوك كتبها،
مباشرة بعد مغادرته للمغرب، حاملا معه غيضا وحقدا، صرفه في تلك التدوينة متهما
الشباب المغاربة ب" الانسلاخ عن دينهم " وبكونهم، "أشرار " كذا! وب "انتمائهم
لليسار " ما دخل اليسار يا ترى في المسألة، إن مجرد تدقيق في المسألة سيجد
الملاحظ أن زغلول يحاكم من سأله من منطق انتمائه السياسي، لأنه يريد أن يفحم سائله،
والانتماء السياسي عنده أسبق من انتمائه العلمي المزعوم؟ وزاد قائلا بأنه سيجيب
الشباب المغاربة بعد أيام. لأنه سيذهب ليرقع تلفيقة يسكت بها أتباعه الذين،
سيتساءلون حول صلابة طرحه. إن هذه الواقعة تؤكد على حقيقة لا مجمجة فيها، وهي أن
العقل المغربي، عقل يقظ لا يقبل الدجل والخرافات، ويحاكم أصحاب الشعوذة العلمية،
إنها نزعة عقلانية مغربية تستيقظ وبكل قوة وتنفض عنها الغبار الذي فرضته سنوات من
منع التفكير بالتكفير الذي مارسه المتدينون، لقد حان يا من تتهم المغاربة بالأشرار
أن تعرف، أن هذا البلد هو « منبت الأحرار »وموطن العقلانية المغربية الكونية، التي
ستحرر عقول المسلمين من أوهامهم، وأول هذه الأوهام اعتقادهم المرضي بأفضليتهم
وأصالتهم وأسبقيتهم، وهو الوهم الذين يكرسه زغلول وأمثاله لكن حان آوان زواله بدون
رجعة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire