jeudi 15 octobre 2020

! وضع قابل للانفجار

 


كثيرا ما نسمع كلما وقع احتجاج في منطقة معينة أن الأحداث تنبأ بانفجار الأوضاع الأمنية. والسبب راجع بالأساس إلى طبيعة الدولة القائمة عندنا. إنها دولة قائمة على القهر حيث لا تترك للأفراد حرية التصرف والتعبير، وتواجه كل مطلب مشروع في الحرية والكرامة والعدالة، بالهراوات والغاز المسيل للدموع وأحيانا بالرصاص. وما يلي ذلك من اعتقالات واختطافات ومحاكمات غير عادلة. تخمد نار التمرد في الشارع، لكن ما لا يعرفه المستبدون أن تلك النيران تظل مشتعلة في صدور المقموعين، حيث يتم اختزان الغضب والرفض تجاه الأوضاع السائدة، وأقل تحرك قد يفجر الوضع لأن شروط الانفجار والتمرد قائمة أصلا. وهذا ما شهدناه مؤخرا فيما سمي ب "ثورات الربيع الديموقراطي "، التي كان وراءها بائع متجول! تعرض للإهانة من طرف الأمن، فأحرق نفسه، وكان ذلك الحادث القشة التي فجرت الوضع في العالم العربي. وقد يتحول رد الفعل الذي يصدر عن الشعوب المقموعة، إلى عنف وقتل، وحتى نسف تام للدولة. هذا المفهوم الذي لم يترسخ بعد في الأذهان، والذي يجب تمييزه عن النظام السياسي، فحينما يسقط النظام لا يجب أن تسقط الدولة. إن بناء الدولة الحديثة هو الرهان الأساسي، الذي يجب النضال من أجله من طرف كل القوى الديموقراطية. والدولة الديموقراطية الحديثة هي دولة الحرية، حيث تستمد مشروعيتها من عقد اجتماعي بموجبه تتأسس سلطة عليا تدبر أمور المجتمع، سلطة مدنية، تنطلق من الاختلافات بين الأفراد، وتعطي الحرية للفرد الحر المستقل، لا سلطة تستمد أساسها من مشروعية دينية أو تاريخية او ثورية، أنداك فقط يمكن الحديث عن المواطنة. وهو ما يحدث في كل البلدان الديموقراطية التي تأسست في الغرب، لكن بلدان المشرق مازال الاستبداد الشرقي، هو السائد فيها، حيث إن الحكام يغتصبون السلطة ويركزونها في أيديهم و لايتركون الفرصة لتأسيس المواطنة، لذلك فإن الدول التي يحكمونها لم تترسخ بعد في أذهان مواطنيهم، لأنها دول قائمة إما على السلطنة، كما يقع في البلدان التي تعتبر فيها الملكيات المطلقة نظام الحكم السائد، أو القهر الذي يمارسه العسكر الذي ينطلقون من المشروعية الثورية لفرض سلطتهم. لذلك نجد أن الهواجس المسيطرة على دول الاستبداد الشرقي، هي هواجس أمنية بالأساس، وتعتبر وزارة الداخلية هي «أم الوزارات»، لأنها وجدت لغاية أساسية هي ضبط الجموع وقهر التمردات والتحكم في المجتمع كما أن هذا الهاجس الأمني يطغى على التعليم، فعوض تشجيع تعليم يحرر طاقات الفرد ويفجرها ويصقل مهاراته، نجد أنه يعمل على كبح إبداع المتعلمين والقضاء على روح الابتكار والتجديد، وهذا الهاجس يسود في كل القطاعات، لأن الحكام يخشون كل مرة أن يتمرد الأفراد، لأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم يغتصبون السلطة. كمثل من يمتلك شيئا دون أن يقاسمه مع الآخرين. ولهذا نسمع أن السلطة في البلدان الاستبدادية، كتلك التي نعيش فيها تخاف من كل تحرك أو احتجاج، لأنها تعرف أن الأوضاع حينما تنفجر لن تستطيع السيطرة عليها من جديد. لذلك وجب على هذه الدول إعادة النظر في أساسها وفي سياساتها والدفع بإصلاحات عميقة وحقيقية في كل المجالات، كي لا تتحول المطالب بالإصلاحات إلى مطالب بإسقاط النظام.

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...