![]() |
مدينة الجديدة
كما لقبت بعد تحريرها من طرف الأمير محمد بن عبد الله بعد أن أطلق عليها البرتغال،
اسم "مازاغان "،مدينة مغربية مطلة على المحيط الأطلسي، تلقي
برجليها في زرقة الأطلسي مزهوة بحليها التي تعبق برائحة التاريخ، تاريخ متعدد،
بتعدد الهوية المغربية، بالأمس بناها البرتغاليون كمحطة لهم بعد أن اصبحوا
سادة البحار خلال القرن 16، بعدها ستتلاقح فيها مكونات الهوية المغربية، من دكالة،
وهم قبائل أمازيغية تم تعريبها اللكنة الدكالية حاضرة في كل مكان، حينما تمر من
أزقة الحي البرتغالي تختلط عليك الأصوات واللهجات خرجت من الفندق الذي نزلت فيه ،
هذا الفندق ذو الزخارف المغربية البهية ،خطوط مرسومة على أبواب العرعار الصلبة،
ونقوش الفسيفساء متعددة الألوان والأشكال، التي تزين الحائط و الجبص الملون الذي
يزين السقوف، وسكون قاتل يعم المكان، سكون يمنحني الفرصة اللازمة للتفكير، للغرق
في سوداويتي في تذوق الضجر، كتابي السوداويين سيكونون بنكهة خاصة في هذا
المكان،سيوران وكافكا، وحتى نيتشه. غادرت غرفتي ونزلت إلى الشارع لأقوم بجولة في
المدينة القديمة لأن المدينة القديمة هي المركز الذي تلتف حوله الأمكنة المستجدة،
دخلت إلى أحد المحلات التي تبيع المأكولات الخفيفة، جلست أنتظر طلبيتي، فإذا برجل
سبعيني يدخل الى المحل، وينطق ببعض الكلمات العبرية، فاتحا نقاشا مع أحد الجالسين،
حيث تجادلا مليا حول اليهود، فالسبعيني يدافع بقوة عن اليهود، ويقول إنه يحبهم
لأنه أكل طعامهم وجلس في مجالسهم واستمع الى أحاديثهم فهم شعب طيب، بل إنه الملك
محمد الخامس حينما طلبت منه حكومة فيشي مده بقائمة اليهود المتواجدين في المغرب،
قصد إعدامهم، أجابهم محمد الخامس، بأن في المغرب ليس هناك يهود، بل مغاربة. صاحب
المحل دو الأصول الجنوبية الأمازيغية بدوره دلى بدلوه في النقاش خاصة حينما
أثيرت مسألة الأمازيغية واستفزه أحد الجالسين، حينما قال بأن الأمازيغ أو
« الشلوح »كما سماهم قد استعمروا هذا الدرب، فدافع عن موقف قائل بأن
الهوية المغربية أمازيغية، دفعوني إلى الحديث فقلت لهم، إن الهوية المغربية ليست
واحدية، إنها هوية متعددة ضاربة بجدورها في التاريخ وكل من قال بالعكس فهو منغلق
إقصائي، تركت المحل واخترقت الزقاق الضيق، أصوات ممتزجة، سباب، ضحكة، صياح،
نغمة،…لا أميز بينها لأن أذني تستقبل تلك الأصوات، فتتلذذ بها، دون أن تحاول
التمييز فيما بينها، بينما حتى الروائح تختلط، كل واحد منغمس في نشاطه اختلاط
عجيب، هذا الذي يميز المدن المغربية، أسير وأتأمل المارة دخلت من إحدى البوابات
إلى الحي البرتغالي وبدأت أتأمل البنيان الأوروبي المهيب، الذي يحمل جانبا من
روح الحضارة الأوروبية، الناس هنا يبسطون ويضحكون. جلست على في أحد المقاهي المطلة
على الزقاق، مقهى تقليدي، ينتصب بقرب السقالة التي بناها البرتغاليين. وجلست أتأمل
العابرين، بشر من كل الأعراق والألوان يكتشفون المكان.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire