vendredi 23 octobre 2020

الفرسان الثلاثة

 


العالم اليوم يعيش لحظة تاريخية صعبة، يكفي فقط قراءة التاريخ بعين الفيلسوف واستحضار منطقه، الذي يفجر الأحداث، وتلك الانفجارات التاريخية إن كانت أسبابها متعددة ومختلفة فإن من يكون السبب في تفجيرها في الغالب هو جنون العظمة.خلال هذه الألفية تقوت الرأسمالية فأصبحت وحشا يهدد وحدة العالم، بل إن الاقتصاد أصبح العصب الذي يحرك التاريخ الراهن. لذلك فإن السعي المحموم نحو السيطرة والنفوذ والهيمنة والتنافس غالبا ما يؤدي إلى اصطدام الإرادات التي تكون في الغالب قومية مجتمعية وثقافية أيضا. لكن لا يمكن رغم ذلك أن ننفي إرادة الأفراد الذاتية وهو ما يؤدي كما يقول هيجل بصناعة التاريخ ولكن وفق الشروط التي يريد هو. إنه مكر التاريخ!هذا المكر الهيجلي هو الذي يدفع الأشخاص نحو صناعة التاريخ. واليوم هناك ثلاثة فرسان، سيفجرون اللحظة الزمنية ويرفعون من وتيرة الأحداث. ليأخذ العالم شكلا جديدا أو ربما اختفاءه من الوجود، وبالتالي اختفاء هذه الإنسانية التي ما فتأت تدعي لنفسها الذكاء والتفوق بكل استعلاء وخيلاء. هؤلاء هم زعماء ثلاثة دول نووية ولابد من التسطير على كلمة نووية لأن ذلك هو ما سيعطي لكل انفجار للأوضاع بعدا أبوكالبتيكيا مهولا ما فتأ الفن والأدب يعلن عنه منذ مدة.الزعيم الأول هو زعيم أقوى بلد في العالم وقد جاء ليعيد ل «أمريكا عظمتها» وبالتالي فشعاره هو « أمريكا أولا » وهي دعوة قومية وطنية متطرفة تذكرنا بالدكتاتور الذي فجر عالم القرن 20 وهو أدولف هتلر. دونالد ترامب رجل الأعمال الذي دفعت به اللوبيات الرأسمالية، إلى اعتلاء عرش الولايات المتحدة الامريكية أقوى بلد في العالم. شكل فوزه صدمة لدى الكثيرين، لما تتميز به شخصيته من غطرسة وجنون عظمة وجشع، حيث شعاره المال والربح ولو كلف ذلك الأمن الدولي والأممي، إنه بتعبير مشيل أونفراي » رمز الرأسمالية المترهلة » ووجهها الأكثر تعبيرا عنها. وقد كان منذ حملته الانتخابية محط جدل دائم، خاصة أنه ضغط على وتر العنصرية، واستثار المشاعر القديمة لدى البيض ودافع بقوة عن المصالح التجارية لأصحاب الرساميل، ولم يكن قط وليد إيديولوجية واضحة المعالم، خاصة في زمن أعلن فيه البعض "موت الإيديولوجيا "، اللهم إيديولوجيا السوق الرأسمالية المتوحشة العابرة للقارات. وتعتبر سمة جنون العظمة أهم سمة تجعل منه فارسا قادرا على الدفع بالعالم نحو الكارثة.الزعيم الثاني هو وجه رأسمالي آخر، لكنه رجل سياسة بامتياز، لأنه ابن الاتحاد السوفياتي ووريث سرها وكعيد امجادها، والباحث عن عودة عظيمة للإمبراطورية البائدة. والتي في نظره لم تضع كما يتصور البعض. وبالتالي فلابد من إعادة تقسيم العالم ونزع السطوة والهيمنة ممن سطوا على الوجاهة والزعامة العالمية، وهو نفسه شخص مجنون ولكنه ذكي ومخادع وماكر في الآن نفسه. ربما لأنه ابن أخطر مخابرات العالم الكاجي بي. كما انه قادر على الدفع بالعالم نحو نهايته إن اقتضى المنطق القوة لنزع الاعتراف.المجنون الثالث هو أيضا وريث جمهورية ستالينية في آسيا، هذه الجمهورية التي عاشت مائة عام من العزلة، لذلك فقد وصلت بها الظروف إلى لحظة هذيان أو انفجار لأنها لا تحتمل المزيد من تلك العزلة القاتلة، لاسيما وأن جارتها في الجنوب التي اتجهت نحو المعسكر الغربي منذ البداية، تحقق تحت قدميها انجازات عظيمة وتحولت إلى قوة اقتصادية عالمية في ظرف وجيز، وهو ما شكل لها عقدة. لأنها ورغم افتخارها بأن القلعة المنيعة عن الرأسمالية، فإن ظروف العالم لم تعد تناسبها، لذلك فإنها قد تفجر هذا العالم وتفجر الأخضر واليابس، مادامت لا تستفيد من شيء وتريد أن تفرض نفسها على الساحة الدولية ولو برؤوس نووية عابرة للقارات ترسلها إلى البحر من حين لآخر، ليتحدث عنها العالم، ولتظهر له انها موجودة وتزهو بجنونها. ويقودها «زعيم خالد وملهم وقائد الشعب العظيم» وهو الشعار الذي يلقن لساكنيها في المدارس ومن لم يكرره يموت على الفور !وما يميز هذا الزعيم هو أنه ينتمي إلى طائفة المجانين وهو الفارس الثالث من فرسان العالم الثلاثة. آن هؤلاء الثلاثة هم أخطر ثلاثة مجانين اليوم، لأنهم يقودون دولا د واحدة في امريكا والأخرى في آسيا والاخيرة في أوروبا.هذه مجرد تأملات في وضعنا الراهن. والتاريخ وحده هو الحامل للجواب.هل نستمر أم نفنى؟

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التحول الديموقراطي المزمن في سوريا

منذ 2011 حينما خرجت جحافل المتظاهرين في كامل أنحاء سوريا، كان الأمر سهلا في البداية، لأن الفوضى عادة ما تكون سهلة، وتحركت الحرب الأهلية فيما...